تلامذة الشيخ مدين. وكان الشيخ أبو السعود كثير التلاوة للقرآن العظيم ليلًا ونهارًا، وكان إذا دخل أول ليلة من رمضان نزل سردابًا تحت الارض، فلا يخرج منه لغير الجمعة إلى يوم العيد، وربما كان ذلك بوضؤ واحد من غير أكل، وكان يشرب كل ليلة عند المغرب مقدار أوقية مصرية ماء، وكان له طريقة تقرب من طريقة الملامتية، وكان لا يقرب أحدًا إلا بعد امتحانه سنين، وجاء مرة مريد من مسيرة يومين يريد الاجتماع به، فلم يأذن له الشيخ، وقال أجيء من موضع بعيد، ولا يخرج إلي، فأرسل الشيخ يقول له: تمن علي بسفرك إلي أيومين كان المريد يسافر في الزمن الماضي ثلاثة أشهر في مسألة واحدة في الطريق؟ ثم قال له: اذهب لا أراك ثلاث سنين، فمكث ثلاث سنين، ثم جاء فأكرمه وانتفع به، وكانت كراماته ومكاشفاته ظاهرة، وقال له شخص من تلامذته: يا سيدي رأيت صبية من البرابرة، فراحت نفسي لها، فقال له الشيخ: صم تنفك عنك الشهوة، فلم يصم وذهب إلى الصبية، فأدخلته خصها، فأخذ رجلها في وسطه فتأمل، فوجدها في صورة الشيخ، فخجل وتركها، فلما رجع ذكر له الشيخ القصة قبل أن يذكرها هو.
قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي - رحمه الله تعالى -: فرأيته في المنام قبل اجتماعي عليه يتوضأ في شعرة نحو شبر، فأول ما اجتمعت به بدا لي، وقال: طول الشعر للفقير يدل على زيادة الدين، وطوله للأغنياء يدل على غم وهم، وقال الشيخ نور الدين الماوردي: أنكرت على أصحابه حلقهم لحاهم، وقلت: هذا أمر لا عن الله، ولا عن رسوله، فقال لي: يا نور الدين لا بد لك من حلق لحيتك، وتكون أنت السائل في ذلك. قال: فحلقت لحيتي بعد قولى الشيخ بعشر سنين، وأبى الحالق أن يحلق، فأكرهته على ذلك قلت: هذا من جملة أحوال طريقته التي أشرنا إليها، وكان من عادته أن يدعي على بعض مريديه عند الحكام، فيقول: هذا زنا بجاريتي - يعني الدنيا - هذا أراد البارحة أن يقتلني، هذا سرق مالي، فيعترف المريد بذلك، ويضرب بالمقارع، ثم يشفع فيه الشيخ كان شطحه كثيرًالكنه كان يعطب من ينكر عليه. ومن لطائفه أن بعض علماء الجامع الأزهر بعث يستأذنه في الاجتماع به، فأذن له الشيخ، فقال الشي للحاضرين: هذا ليس على عقيدة في شيخ، فنصبة توديه، وضمة تجيء به، فلما جلس الفقيه قال الشيخ:
يظن الناس بي خيرًا وإني ... لشرالناس إن لم تعف عني
بنصب الناس في أول البيت، فقام الفقيه وقال: هذا عامي، ثم لقيه الشيخ بعد شهر. فقال: يظن الناس بي خيرًا بضم السين، فقبل الفقيه يد الشيخ. وقال: أنا أستغفر الله، فقال: من أبعدته نصبة، ورددته ضمة لا يصلح لصحبة الفقراء. قال الشعراوي: وسمعته مرة يقول
1 / 48