قال وأشياخنا كالإمام البلاطنسي وغيره، كانوا يأمرون الطلبة بمطالعتها قال: وأول اجتماعي بالسيد المذكور سألني عن محل إقامتي، فقلت: بميدان الحصا، فقال لي: هذه المحلة خصها الله تعالى بثلاثة أبارية كل منهم انفرد بفن لا يشارك فيه الشيخ إبراهيم الناجي بعلم الحديث، والشيخ إبراهيم القدسي بفن القراءات، والشيخ إبراهيم بن قرا في التصوف. انتهى.
ورأيت للشيخ الصالح العلامة علاء الدين بن صدقة قصيدة يتغزل فيها ويتخلص لمدح صاحب الترجمة، فأحببت إثباتها هذا وهي هذه:
لي في المحبة شاهد بفنائي ... عند الأحبة، وهوعين بقائي
أذهب كلي في الغرام، ولم أدع ... من جملتي إلا محل رجائي
فتبوأ الإحسان مني منزلًا ... وسط الفؤاد، وسائر الأعضاء
ملكتهم رقي، وقلت برقة ... إن تقبلوا فأنا من السعداء
ما زلت أسفح في هواكم أدمعي ... حتى همت ممزوجة بدماء
فأنا الغريق بعبرة في لجة ... أشكو بها من فقد نار جواء
لوكنت في لجج ولم تك في الحشا ... أهل المودة زاد حر ظمائي
فبحق ساعات الوصال تعطفوا ... وأحيوا بوصل ميت الأحياء
إن تقتلوا مضناكم يا حبذا ... إذ تدخلوه بزمرة الشهداء
أو ترحموا صبا كئيبًا ترحموا ... بمراحم من أرحم الرحماء
برح المتيم في الهيام صبابةً ... لما عليه سطت يد البرحاء
يا من هم قصدي وسؤلي والمنى ... إني كلفت بكم وطال عنائي
جودوا وجوروا سادتي فأنا على الح ... الين لم أنقض عهود ولائي
أعرضت عن قومي لأجل رضاكم ... وغدوت عبدًا في الهوى برضائي
أصبحت عن أهلي غريبًا نازحًا ... وارحمتاه لغربة الغرباء
ليس الغريب غريب دار إنما ... عندي الغريب المستهام النائي
وأنا الذي عني أخلائي نأوا ... والصبر مني ذاهب متناهي
لما ترحلت الأحبة حل بي ... داء ضنيت به وعز دوائي
ساروا إلى نحو الخيام وهم معي ... قد خيموا في القلب والأحشاء
تلك الليالي الماضيات بقربهم ... كوميض برق في دجى الظلماء
ماذا عليهم لو أتاني منهم ... من يكشف الضراء بالسراء
وأقول: مهلًا يا رعاك الله إن ... جزت المنازل جز على اللمياء
1 / 43