155

============================================================

في آيات الله وعظمته، ثم يقول لنفسه: استرحتي فقومي. فإذا صلى زمانا، قال للسانه: استرحت فاذكر. وهكذا طول الليل: وكان عطاؤه خمسة آلاف: وكان أميرا بالمدائن، على زهاء ثلاثين ألفا، ومع ذلك يخطب الناس في عباءة، يفترش بعضها، ويلبس بعضها، ولم يكن له بيث يظله، وإنما يدور مع الظل حيث دار.

وكان إذا خرج عطاؤه فرقه، ولا يأكل إلا من كذ يده في عمل الخوص، وكان يجمغ ما عمله بيده فيشتري به لحما وسمكا، ويدعو المجذومين (1) فياكلون معه.

وكان غالب الناس يسخرونه في حمل متاعهم، وهو أمير لعدم معرفتهم به لرثائته.

وأرسل أبا الدرداء رضي الله عنه يخطب له امرأة، فذكر لأهلها فضله وسابقته، فقالوا: أما سلمان فلا نزوجه، لكن نزوجك. فتزوجها فخرج، فقال له: قد كان شيء أستحي أن أذكره، قال: ما ذاك ؟ فأخبره، فقال: أنا أحق أن أستحي منك أن أخطبها، وكان الله قد قضاها لك (2) .

وتفاخرث قريش عنده يوما فقال: لكني خلقث من نطفة مذرة، ثم أعود جيفة منتنة، ثم إلى الميزان، فإن ثقل ميزاني فأنا كريم، وإن خف فأنا لئيم .

وخطب عمر رضي الله عنه مرة فقال: أنصتوا حتى أسمعكم. فقال سلمان رضي الله عنه: والله لا نسمعك. قال: لماذا ؟ قال: لأنك تفضل نفسك على رعيتك. قال: كيف ؟ قال عليك ثوبان، وعلى الحاضرين ثوب واحد. فقال: مهلا . ثم نادى بابنه، فقال: أنشدك الله، أما تعلم أن هذا الثوب الثاني ثوبك ؟

قال: اللهم نعم. فقال سلمان رضي الله عنه : الآن نسمع لك وتطيع.

(1) كذا في الأصل، وفي طبقات ابن سعد 89/4: المحدثين، وفي الحلية 200/1 الحذمين (2) حلية الأولياء 200/1.

पृष्ठ 155