مهاده في الإجادة وثير، ودعابة يثيرها الطبع فتثير (١)، وأن لم ألق هذا الرجل فهو من بلدي، وتأخرت وفاته عن مولدي، إلى أن أجاز ولدي. ومن شعره، قال رحمه الله تعالى حسبما نقل عن خطه: قدم علينا الشيخ المحدث أبو العلاء محمد بن أبي بكر البخاري الفرضي بالقاهرة في طلب الحديث، وكان رجلا حسنا طيب الأخلاق لطيف المزاج، فكنا نسايره في طلب الحديث، فإذا رأى صورة حسنة قال، هذا حديث على شرط البخاري، فنظمت هذه الأبيات:
بدا كهلال الأفق وقت طلوعه ... ومال كغصن الخيزران المنعم
غزال رخيم الدل وافى مواصلا ... موافقة منه على الرغم لوم
(٢٢آ) مليح غريب الحسن أصبح معلما ... بحمرة خد بالمحاسن معلم
وقالوا: على شرط البخاري قد أتى ... فقلت على شرط البخاري ومسلم قال فقال لي: يا مولانا أنا البخاري فمن مسلم؟ قلت له: أنت البخاري وأنا مسلم، قلت: ولو كنت المخاطب لكان مدى الدعابة أفسح، ومن العصمة أن لا تجد. ومن أبياته في غرض التصوف قوله في جيد كلامه:
تفردت لما أن جمعت بذاتي ... وأسكنت لما أن بدت حركاتي
فلم أر في الأكوان لأنني ... أزحت عن الأغيار روح حياتي
وقدستها عن رتبة لو تعينت ... لها دائما دامت لها حسراتي
فها أنا قد أصعدتها عن حضيضها ... إلى رتبة تقضي لها بثبات
تشاهد معنى روضه أذهب العنا ... وأيقظني للحق بعد سناتي
_________
(١) خ بهامش ك: للطبع مثير.
1 / 82