202

कश्शाफ

الكشاف

प्रकाशक

دار الكتاب العربي

संस्करण

الثالثة

प्रकाशन वर्ष

١٤٠٧ هـ

प्रकाशक स्थान

بيروت

وقد اكتريت بمكة جمل أعرابى للحج فقال: أعطنى من سطاتهنه، أراد من خيار الدنانير.
أو عدولا، لأنّ الوسط عدل بين الأطراف ليس إلى بعضها أقرب من بعض لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ روى «أنّ الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء، فيطالب اللَّه الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا وهو أعلم، فيؤتى بأمّة محمد ﷺ فيشهدون، فتقول الأمم: من أين عرفتم؟ فيقولون علمنا ذلك بإخبار اللَّه في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق، فيؤتى بمحمد ﷺ فيسأل عن حال أمته، فيزكيهم ويشهد بعد التهم «١»» وذلك قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيدًا) . فإن قلت: فهلا قيل لكم شهيدا وشهادته لهم لا عليهم «٢»؟
قلت: لما كان الشهيد كالرقيب والمهيمن على المشهود له، جيء بكلمة الاستعلاء. ومنه قوله تعالى:
(وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) . وقيل: لتكونوا شهداء على الناس في الدنيا فيما لا يصح إلا بشهادة العدول الأخيار وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا يزكيكم ويعلم بعدالتكم. فإن قلت: لم أخرت صلة الشهادة أولا وقدّمت آخرا «٣»؟ قلت: لأن الغرض في

(١) . موقوف: أخرجه الطبري عن زيد بن أسلم موقوفا. وأخرجه في تفسير النسائي من قول السدى أيضا.
وفي البخاري من حديث أبى سعيد الخدري. قال «يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول:
هل بلغت؟ فيقول: نعم. فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول: من يشهد لك؟ فيقول:
محمدا وأمته. فيشهدون أنه بلغ ثم قرأ (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) - الآية ورواه البيهقي في البعث والنشور من رواية أبى معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد، قال: قال رسول اللَّه ﷺ يجيء النبي يوم القيامة ومعه الثلاثة والأربعة والرجلان، حتى يجيء النبي وليس معه أحد، فتدعى أمة محمد فيشهدون أنهم بلغوا.
فيقال لهم: وما علمكم أنهم بلغوا فيقولون: جاءنا رسولنا بكتاب أخبرنا فيه أنهم قد بلغوا فصدقنا. قال فيقال:
صدقتم. وذلك قوله تعالى: (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) .
(٢) . قال محمود ﵀: «فان قلت: فهلا قيل لكم شهيدًا وشهادته لهم لا عليهم … الخ»؟ قال أحمد ﵀: وجه الاستدلال بالآية أنه وصف اللَّه تعالى في أولها بالرقيب وفي آخرها بالشهيد على وجه التخصيص أولا ثم التعميم ثانيا: وإنما ينتظم التعميم والتخصيص مع اتحاد مؤدى الرقيب والشهيد، إذ الآية في مثل قول القائل لمن شكره: كنت محسنا إلى وأنت بكل أحد محسن. وكأنه لما قال: (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)
وكان ذلك مخصصا لرقيبته تعالى على بنى إسرائيل، أراد أن يصفه بما هو أهله حتى ينفى وهم الخصوصية فقال في التقدير: وأنت على كل شيء كذلك، فوضع «شهيدًا» موضع «كذلك» المشار به إلى رقيبيته، فلا يتم الاستدلال بها إلا على هذا الوجه.
وفيه غموض على كثير من الأفهام واللَّه الموفق.
(٣) . قال محمود ﵀: «فان قلت: لم أخرت صلة الشهادة أولا وقدمت آخرًا … الخ؟» قال أحمد ﵀:
لأن المنة عليهم في الطرفين، ففي الأول بثبوت كونهم شهداء وفي الثاني بثبوت كونهم مشهودًا لهم بالتزكية خصوصًا من هذا الرسول المعظم ولو قدم شهيدًا لانتقل الغرض إلى الامتنان على النبي ﵊ بأنه شهيد. وسياق الخطاب لهم والامتنان عليهم يأباه. وإنما أخذ الزمخشري الاختصاص من التقديم لأن فيه إشعار بالأهمية والعناية، وكثيرًا ما يجرى أى ذلك في أثناء كلامه، وفيه نظر.

1 / 199