حنيفة فأجاب، أو كلامًا هذا معناه، وهذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل، فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عند البتة، بل (١) ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفًا، وقد رأى الشافعي بالحجاز، واليمن، والشام، والعراق، ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء، فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده، ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف، ومحمد، وزفر، والحسن بن زياد، وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره، ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم المخلوقين خشية الفتنة بها، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه. وأما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف، ونحن لو روى لنا مثل هذه الحكايات المسيبة (٢) أحاديث عمن لا ينطق عن الهوى لما جاز التمسك (٣) بها حتى تثبت، فكيف بالمنقول عن غيره. ومنها ما قد يكون صاحبه قاله أو فعله باجتهاد يخطئ أو يصيب (٤)، أو قاله بقيود أو شروط كثيرة على وجه (٥) / لا محذور فيه، فحرف النقل عنه، كما أن النبي ﷺ (٦) لما أذن في زيارة القبور بعد النهي فهم المبطلون أن ذلك هو