وأهوالها، واقفين ينتظرون حقائق أنبيائها، وتشفيع شفعائها، إذ أحاطت بالمجرمين ظلمات ذات شعب، وأظلتهم نار ذات لهب، وسمعوا لها زفيرا وجرجرة، تفصح عن شدة الغيظ والغضب، فأيقن المجرمون بالعطب، وجثت الأمم على الركب، حتى أشفق المخلصون من سوء المنقلب، وخرج المنادي ن الزبانية: أين فلان المسوف نفسه في الدنيا بطول الأمل، المضيع عمره في سوء العمل؟ فيبادرونه بمقامع الحديد، ويستقبلونه بعظائم التهديد، ويسوقونه الى العذاب الشديد، وينكسونه فى فعر الجحيم، ويقولون له: ( ذق إنك أنت العزيز الكريم) .
فاسكنوا دارا ضيقة الأرجاء، مظلمة المسالك، مبهمة المهالك، يخلد فيها الأسير، ويوقد فيها السعير، فشرابهم فيها الحميم، ومستقرهم الجحيم، الزبانية تقمعهم، والهاوية تجمعهم، فيتمنون فيها الهلاك، وما لهم عنها من فكاك، قد شدت أقدامهم إلى النواصي، وسودت وجوههم من المعاصي، ينادون من أكنافها، ويضجون في أطرافها: يا مالك، قد حق بنا الوعيد، يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك، قد نضجت منا الجلود، يا مالك، أخر جنا منها، فإنا لا نعود.
فتقول الزبانية: هيهات، ولا تحين مناص، ولا أمان ولا خروج لكم من دار الهوان.
فعند ذلك يقنطون، وعلى ما فرطوا في جنب الله يتأسفون، فيأخذون في البكاء والعويل، حتى تفرغ الدموع، فيبكون الدماء ، حتى تكون وجوههم كهيئة الأخدود، لو أجريت فيها السفن لجرت، وما دام يؤذن لهم في البكاء والشهيق
पृष्ठ 261