नफरत और दोस्ती, फ्लर्टेशन और प्रेम और विवाह
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
शैलियों
كان المنزل مفعما بشعور الهجران القاسي القلب، بالخداع. لا شك أنه كان هو وزوجته والدين طيبين، قادتهما مارسيل إلى قبول الأمر الواقع. وحين فرت بصحبة طيار، تمنيا لها أن تكون بخير. كانا كريمين مع الاثنين كما لو كانا يتعاملان مع زوجين شابين هما الأكثر مراعاة للأصول. لكن ذلك كله انهد وانهار. وعلى النحو ذاته كان كريما أيضا مع جوهانا باري، وانظروا كيف عاملته هي أيضا كأنه خصمها!
سار إلى وسط البلدة وتوجه إلى الفندق ليتناول إفطاره. قالت النادلة له: «لقد استيقظت باكرا نشطا هذا الصباح.»
وفيما كانت لا تزال تصب له قهوته شرع يخبرها كيف أن مدبرة منزله تركته ورحلت دون أي إنذار أو استفزاز، ولم تكتف بأن تترك وظيفتها دون إشعار سابق وحسب، بل إنها أخذت حمولة من الأثاث كانت تخص ابنته، ويفترض أنها الآن تخص زوج ابنته. ولكن هذا ليس صحيحا؛ فقد تم شراء هذا الأثاث بمال عرس ابنته. أخبرها كيف تزوجت ابنته من طيار، وسيم، كان يبدو شخصا مقبولا ولكن سرعان ما اتضح أنه ليس محلا للثقة.
قالت له النادلة: «اعذرني، لكم أود أن أثرثر قليلا، ولكن ينتظرني أناس لأقدم لهم إفطارهم. اعذرني!»
صعد الدرج إلى مكتبه، وهناك، كانت الخرائط القديمة التي كان يدرسها أمس مفرودة على مكتبه؛ إذ كان يحاول جاهدا أن يحدد بالضبط أول أرض تم استخدامها في دفن الموتى في البلدة (ثم هجرت في عام 1839 بحسب اعتقاده). أضاء النور وجلس، لكنه اكتشف أنه لا يمكنه التركيز. بعد زجر النادلة له - أو ما اعتبره هو زجرا - ما عاد بمقدوره تناول إفطاره أو الاستمتاع بقهوته. قرر أن يخرج من المكتب للتمشية حتى يهدأ.
لكنه بدلا من أن يسير على طول طريقه المعتاد، محييا الناس وهو مار يبادلهم كلمات معدودة، وجد نفسه ينطلق في خطب مطولة؛ ففي اللحظة ذاتها التي كان يسأله أي شخص عن حاله هذا الصباح يشرع هو في التحدث تلقائيا عن محنه وكروبه، بطريقة أبعد ما تكون عن شخصيته، بل حتى شائنة له، ومثل النادلة كان لدى أولئك الأشخاص شئون يعتنون بها فيومئون برءوسهم ويجرجرون أقدامهم وهم يبدون له الأعذار للإفلات منه. ولم يبد أن الصباح راح يصير أكثر دفئا على نحو ما هو معتاد في صباحات الخريف الكثيفة الضباب؛ ولم تكن سترته تدفئه بما يكفي؛ فالتمس الراحة في المتاجر.
كان أكثر الأشخاص ذهولا لسلوكه هذا هم من عرفوه لزمن أطول. لقد اتسم بالكتمان وقلة الكلام طول عمره؛ إذ كان ذلك السيد النبيل المراعي للأصول جيدا، عقله هائم في أزمنة أخرى، وكان تهذيبه اعتذارا بارعا عن تميزه (وهو ما كان مزحة من نوع ما؛ لأن التميز كان غالبا في ذكرياته وغير واضح للآخرين). لا بد أنه آخر شخص قد يجاهر بالإساءات أو يلتمس تعاطف الآخرين معه - لم يفعلها حين ماتت زوجته، أو حتى حين ماتت ابنته - ومع ذلك فها هو ذا يخرج من جيبه رسالة ما، ومتسائلا: أليس من العار على هذا الشخص أن يأخذ منه المال مرارا وتكرارا؟ وحتى الآن حين أخذته الشفقة مجددا بهذا الشخص فإنه تآمر مع مدبرة منزله لسرقة الأثاث. ظن البعض أنه كان يتحدث عن الأثاث الخاص به هو، فاعتقدوا أن العجوز قد ترك دون سرير أو مقعد في منزله، ونصحوه أن يتجه إلى الشرطة.
قال: «ذلك بلا فائدة، لا فائدة من ذلك. لن أحصل على شيء إلا بطلوع الروح.»
دخل إلى محل تصليح الأحذية وحيا هيرمان شولتز. «أتذكر ذلك الزوج من الأحذية الطويلة الرقبة الذي جددت لي نعليه، الحذاء الذي اشتريته من إنجلترا؟ جددتهما لي من أربع أو خمس سنوات!»
كان المحل أقرب إلى كهف، مزود بلمبات مؤطرة تتدلى فوق مواقع عمل متعددة. كان هواء المكان لا يطاق، غير أن تلك الروائح الرجولية كانت موضع ترحيب لدى السيد ماكولي، روائح الغراء والجلد والورنيش الملمع ونعال اللباد المقصوصة مؤخرا أو تلك القديمة البالية. هنا كان جاره هيرمان شولتز، حرفي خبير شاحب الوجه، بنظارة طبية، وكتفين محدبتين، مشغولا في جميع الفصول بدق مسامير حديدية وأخرى مدببة، وبسكين معقوفة بارعة يقطع من الجلد الأشكال المطلوبة. كان اللباد يقص بشيء يشبه منشارا دائريا منمنما. انبعث صوت حفيف من الفرش وصوت قشط خشن من عجلة السنفرة، وراح حجر التلميع على حافة الأداة يغني عاليا كأنه حشرة آلية وأخذت ماكينة الخياطة تثقب الجلد بإيقاع صناعي جاد. كل تلك الأصوات والروائح والنشاطات الدقيقة الخاصة بالمكان كانت قد صارت أليفة بالنسبة إلى السيد ماكولي على مدى سنوات، ولكنه لم يسبق له قط أن تأملها مدققا من قبل. الآن ينتصب أمامه هيرمان، في مريلة العمل الجلدية المسودة اللون، وفي إحدى يديه حذاء برقبة طويلة، ابتسم وأومأ برأسه، ورأى السيد ماكولي حياة الرجل بتمامها في هذا الكهف. تمنى لو أنه أعرب عن تعاطف أو إعجاب أو شيء أكثر من هذا لم يتمكن من فهمه.
अज्ञात पृष्ठ