كان حسنا لمعنى في عينه إلا بدليل فكذلك النهي في صفة القبح وهذا لأن المطلق من كل شيء يتناول الكامل منه ويحتمل القاصر والكمال في صفة القبح فيما قلنا فمن قال بأنه يكون مشروعا في الأصل قبيحا في الوصف يجعله مجازا في الأصل حقيقة في الوصف وهذا عكس الحقيقة وقلب الأصل وإذا ثبت هذا الأصل كان لتخريج الفروع وطريقان أحدهما أن ينعدم المشروع باقتضاء النهي والثاني أن ينعدم بحكمه وبيان ذلك أن من ضرورات كون التصرف مشروعا أن يكون مرضيا قال الله تعالى
ﵟشرع لكم من الدين ما وصى به نوحاﵞ
وللمشروعات درجات وأدناها أن يكون مرضية وكون الفعل قبيحا منهيا ينافي هذا الوصف وإن كان داخلا في المشيئة والقضاء والحكم كالكفر وسائر المعاصي فإنها بمشيئة الله وقضاء الله وحكمه توجد لا يرضاه فصار النهي عن هذه التصرفات نسخا بمقتضاه وهو التحريم السابق والثاني أن من حكم النهي وجوب الانتهاء وان يصير الفعل على خلاف موجبه معصية هذا موجب حقيقته وبين كونه معصية وبين كونه مشروعا وطاعة تضاد وتناف ولهذا لم يثبت حرمة المصاهرة بالزنا لأنها شرعت نعمة تلحق بها الأجنبية بالأمهات والزنا حرام محض فلم يصلح سببا لحكم شرعي هو نعمة وكذلك الغصب لا يفيد الملك لما قلنا ولا يلزم إذا جامع المحرم أو أحرم مجامعا أنه يبقى مشروعا مع كونه فاسدا لأن الاحرام منهي لمعنى الجماع وهو غيره لا محالة لكنه محظورة فصار مفسدا والاحرام لازم شرعا لا يحتمل الخروج باختيار العباد ففسد ولم ينقطع بجناية الجاني وكلامنا فيما ينعدم شرعا لا فيما لا ينقطع بجناية الجاني ولا يلزم الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها لأنه منهي عنه لمعنى في غيره وهو الضرر بالمرأة بتطويل العدة أو بتلبيس أمر العدة عليها ولهذا لم يكن سفر المعصية سببا للرخصة للنهي ولا يملك الكافر مال المسلم بالاستيلاء للنهي أيضا فلم يصلح سببا مشروعا
पृष्ठ 51