الناس فيه شتى فقدر الشرع بحد واحد فصار ذلك شرطا للوجوب لما كان أمرا زائدا على الأهلية بالعقل والبلوغ الأصلية وشرط الوجوب لا يشترط دوامه إذ الوجوب في واجب واحد لا يتكرر فأما قيام المال بصفة النماء فميسر للأداء فتغير به صفة الواجب فشرطنا دوامه وهذا بخلاف استهلاك النصاب فإنه لا يسقط الحق وقد صار غرما لأن النصاب صار في حق الواجب حقا لصاحب الحق فيصير المستهلك متعديا على صاحب الحق فعد قائما في حق صاحب الحق فصار الواجب على هذا التقدير غير متبدل ولهذا قلنا أن الموسر إذا حنث في اليمين ثم إذا عسر وذهب ماله انه يكفر بالصوم لأن الوجوب متعلق بالقدرة الميسرة الدليل عليه أن الشرع خيره عند قيام القدرة بالمال والتخير تيسير ولأنه نقل إلى الصوم لقيام العجز عند أداء الصوم مع توهم القدرة فيما يستقبل ولم يعتبر ما يعتبر في عدم سائر الأفعال وهو العدم في العمر كله لكنه اعتبر العدم الحالي ألا ترى انه قال
ﵟفمن لم يجد فصيام ثلاثة أيامﵞ
وتقدير العجز بالعمر يبطل أداء الصوم فعلم انه أراد به العجز الحالي وكذلك في طعام الظهار وسائر الكفارات فثبت أن القدرة ميسرة فكانت من قبيل الزكاة إلا أن المال ههنا غير عين فأي مال أصابه من بعد دامت به القدرة ولهذا ساوى الاستهلاك الهلاك ههنا لأن الحق لما كان مطلقا عن الوقت ولم يكن متعينا لم يكن الاستهلاك تعديا وصارت هذه القدرة على هذا التقدير نظير استطاعة الفعل التي لا تسبق الفعل ولهذا قلنا بطل وجوب الزكاة بالدين لأنه ينافي الغناء واليسر ولا يلزم أن الدين لا يمنع وجوب الكفارة وهو ينافي اليسر لأنه قال في كتاب الأيمان رجل له ألف درهم وعليه دين أكثر من ألف فكفر بالصوم بعد ما يقضي دينه بماله قال يجزئه ولم يذكر أنه إذا لم يصرف إلى دينه ما جوابه فقال بعض مشايخنا يجزيه التكفير
पृष्ठ 38