ما كان في صِبْيانِكم كَمِثْلِهِ
وأصل الحَنف الميَلُ، وقيل: الاستقامة. فسمي المستقيم حنيفًا على التفاؤل، كما سُّمِّي اللَّديغُ سليمًا
تفاؤلًا بالسلامة. وكما قيل للمَهْلَ
كَة مفازة تفاؤلًا بالفوز والنجاة. هذا كله يحكى عن الرياشي وابن قتيبة وغيرهما. وقال الزجاج:
أصله المَيَل، فالمعنى أنه حَنَفَ إلى دين الله وهو الإسلام، فلا شك أن معناه قد صار الاستقامة على
دين إبراهيم، كيف تصرفت الحال في أصله. ولو استدل مُسْتَدِلٌّ على أن أصله الاستقامة لِشَرَف
الحنيفية، فاشتق لها مما يليق بمعناه، كان وجهًا. قال هذا أبو الحسن الرماني.
وقول حسان:
فإن أبي ووالده وعرضي
البيت.
روي أن حسان بن ثابث استأذن على عائشة ﵂، بعدما كُفَّ بَصَرُه، فدخل عليها
فأكرمته فلما خرج عنها، قيل لها: هذا من القوم، فقالت: أليس الذي يقول:
فإن أَبي ووَالِدَهُ وَعِرْضي ... لِعِرْضِ محمدٍ منكمْ وِقَاءُ
فهذا البيت يغفر له كل ذنب.
وقوله: (وعرضي لعرض محمد ﷺ؛ عرضُ الرجل مختلف فيه. قيل عِرْضه ما
يُمْدَحُ به أو يذم. وقيل: عِرْضُه خليقته المحمودة.