وَافِيَ الذَّوائب متَّصل السحائب، وألْبَسْتُ ثوب الإجمال سابِغَ الأذيال واسع الأظْلالِ، فلقد اشتَمَلْتُ على البيان، وأصبحت
بديع هذا الزمان.
وفي المعنى أيضًا:
وقَفْتُ - أعَزَّك الله - على كتابك، فأجَلْتُ نظري حلال، وفتقت به ثبج بحر إلا أنه زلال، فرأيت
كيف يَزْدَحم في العلم من البلاغة في المذهب الأَمَم، فما شئت من فقرة محذوة بأمثالها بأشكالها، مما
اتصلت به يد الإحاطة، بصحة البراعة، وتزينت الصناعة. فهو مُؤْنسي، شغل مَجْلسِي. أخدْ بيانه
بحاستي سمعي وناظري حافتي فكري وخاطري. وأراني الدُّرَ إلاَّ إذا لم ينظم، والسحر لو صيغ عقدًا
لأخْجَلَ الدُّر والعقيان، أوْحيك بردًا لعطل الديباج يَهُزَّ أعطاف الضمائر، ويسري في الخواطر، وتتلقاه
النفوس تلقي إلى بَدائِعِه، فِتْنَة بِمبادِئه ومقاطعه. فللَّه قريحةٌ أذْكتْ ناره. وأَطْلَعت أنواره لغير جَهام،
وأن سيفها لغير كهام، وإنّ ثمدها لَعِدُّ وَبِحَار، وإن زَنْدَها لَمَرْخٌ وعفار. طلع علينا طلوع البدر في
الغسق، وضمَّخ أُفُقَنا بخَلُوق ذاك الخَلَق، زند ذكائه فأورى، ولمحنا