كنز الفوائد
كنز الفوائد
وليس يستحيل حصول العقل والتمييز لابن عشر سنين ولا تجويزه ذلك في الامور المستبعدة عند العارفين والمنكر لذلك إنما يعول على الغالب في المشاهدات والعقل لا يمنع من وجود ما ذكرناه في نادر الاوقات بل لا يمنع من ان يجعل الله تعالى ذلك آية يخرق بها العادات وقد اخبر الله سبحانه عن نبيين من انبيائه عليهم السلام بما هو اعجب من هذا وهما عيسى ويحيى فقال حاكيا كلام عيسى عليه السلام للناس في المهد اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وقال في يحيى يا يحيى عليه السلام خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا فإن قال الخصوم ان هذين نبيان يصح ان يكون لهما الايات والمعجزات قلنا فما المانع من ان يكمل الله تعالى عقل طفل في زمن نبينا عليه السلام ويمنحه صحة التمييز والاستدلال ويخصه بالتكليف دون جميع الاطفال ويكون ذلك آية لنبيه صلى الله عليه واله وكرامة له في اخص الناس به ولوجه آخر من الصلاح يختص بعلمه وليكون مع هذا كله ابانه لوليه الذي هو حجته ووصي نبيه صلى الله عليه واله فما المحيل لما ذكرناه والمانع من كونه كذلك اوليس قد روى ان الشاهد الذي شهد من اهلها في قميص يوسف عليه السلام كان طفلا في المهد له سنتان وليس بنبي وبعد فقد اوجدكم الله تعالى عيانا من احد ائمتنا عليهم السلام ما هو اكثر مما انكرتموه من هذه الحال وهو أبو جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم السلام وشهادة المأمون له لما عزم على تقريبه ومصاهرته وهو ابن تسع سنين بالعقل والعلم والكمال واتفاقهم معه على ان يعقدوا له مجلسا للامتحان وسؤالهم يحيى بن اكثم القاضي في ان يتولى لهم ذلك وبذلهم له الاموال وما جرى له من عجيب الكمال في السؤال والجواب حتى عجز يحيى ووقف في يديه واذعن بالاستفادة منه والرجوع فيما لا يعلمه إليه وهذا أمر قد شاركتمونا في نقله واتفق اصحاب الحديثين على حمله ولسنا نشك ان هذا العلم والفضل والفهم لم يحصل لابي جعفر عليه السلام إلا من أحد وجهين أما الالهام فهو إذن معجز بان به من الانام وأما عن تلقين وتعليم وكم كان عمره وقت تلقينه ذلك وهو في وقت المناظرة ابن تسع سنين وقيل ثماني سنين اوليس هذه اعجوبة قد نقلتموها واقررتم بها وسالتموها فاخبرونا كيف اقررتم لولد أمير المؤمنين عليه السلام في زمن المأمون بكمال العقل والعلم وحسن المعرفة والفهم وهو ابن تسع سنين وانكرتم ان يصح لامير المؤمنين صلوات الله عليه عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه واله كمال العقل والتكليف وله عشر سنين فإن قالوا نحن لا نعترف لابي جعفر عليه السلام بهذا كانت السير قاضيه بيننا وبينهم شاهدة للمحق منا ثم يقال لهم ان لم يكن الامر كما ذكرناه من كمال عقل أمير المؤمنين عليه السلام وقت دعاء النبي صلى الله عليه واله له الى الاسلام وهو في حال سر لامره وكتمان وخوف من الشرك والضلال اليس يكون قد غرر بنفسه فيما القاه إليه وفعل ما يشهد العقل بقبحه وخطا المقدم عليه حاشا
--- [ 127 ]
पृष्ठ 126