126

وليس يستحيل حصول العقل والتمييز لابن عشر سنين ولا تجويزه ذلك في الامور المستبعدة عند العارفين والمنكر لذلك إنما يعول على الغالب في المشاهدات والعقل لا يمنع من وجود ما ذكرناه في نادر الاوقات بل لا يمنع من ان يجعل الله تعالى ذلك آية يخرق بها العادات وقد اخبر الله سبحانه عن نبيين من انبيائه عليهم السلام بما هو اعجب من هذا وهما عيسى ويحيى فقال حاكيا كلام عيسى عليه السلام للناس في المهد اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وقال في يحيى يا يحيى عليه السلام خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا فإن قال الخصوم ان هذين نبيان يصح ان يكون لهما الايات والمعجزات قلنا فما المانع من ان يكمل الله تعالى عقل طفل في زمن نبينا عليه السلام ويمنحه صحة التمييز والاستدلال ويخصه بالتكليف دون جميع الاطفال ويكون ذلك آية لنبيه صلى الله عليه واله وكرامة له في اخص الناس به ولوجه آخر من الصلاح يختص بعلمه وليكون مع هذا كله ابانه لوليه الذي هو حجته ووصي نبيه صلى الله عليه واله فما المحيل لما ذكرناه والمانع من كونه كذلك اوليس قد روى ان الشاهد الذي شهد من اهلها في قميص يوسف عليه السلام كان طفلا في المهد له سنتان وليس بنبي وبعد فقد اوجدكم الله تعالى عيانا من احد ائمتنا عليهم السلام ما هو اكثر مما انكرتموه من هذه الحال وهو أبو جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم السلام وشهادة المأمون له لما عزم على تقريبه ومصاهرته وهو ابن تسع سنين بالعقل والعلم والكمال واتفاقهم معه على ان يعقدوا له مجلسا للامتحان وسؤالهم يحيى بن اكثم القاضي في ان يتولى لهم ذلك وبذلهم له الاموال وما جرى له من عجيب الكمال في السؤال والجواب حتى عجز يحيى ووقف في يديه واذعن بالاستفادة منه والرجوع فيما لا يعلمه إليه وهذا أمر قد شاركتمونا في نقله واتفق اصحاب الحديثين على حمله ولسنا نشك ان هذا العلم والفضل والفهم لم يحصل لابي جعفر عليه السلام إلا من أحد وجهين أما الالهام فهو إذن معجز بان به من الانام وأما عن تلقين وتعليم وكم كان عمره وقت تلقينه ذلك وهو في وقت المناظرة ابن تسع سنين وقيل ثماني سنين اوليس هذه اعجوبة قد نقلتموها واقررتم بها وسالتموها فاخبرونا كيف اقررتم لولد أمير المؤمنين عليه السلام في زمن المأمون بكمال العقل والعلم وحسن المعرفة والفهم وهو ابن تسع سنين وانكرتم ان يصح لامير المؤمنين صلوات الله عليه عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه واله كمال العقل والتكليف وله عشر سنين فإن قالوا نحن لا نعترف لابي جعفر عليه السلام بهذا كانت السير قاضيه بيننا وبينهم شاهدة للمحق منا ثم يقال لهم ان لم يكن الامر كما ذكرناه من كمال عقل أمير المؤمنين عليه السلام وقت دعاء النبي صلى الله عليه واله له الى الاسلام وهو في حال سر لامره وكتمان وخوف من الشرك والضلال اليس يكون قد غرر بنفسه فيما القاه إليه وفعل ما يشهد العقل بقبحه وخطا المقدم عليه حاشا

--- [ 127 ]

पृष्ठ 126