الأضحى الكبير، أو العبور العظيم، أو شم النسيم في بداية الربيع، يصحو الناس في الصباح الباكر ليشموا البصل والرنجة والفسيخ، يتمشون على شاطئ النيل، الأغنياء منهم يشمون النسيم في المنتجعات الجديدة على شاطئ البحر الأبيض بالساحل الشمالي، أو في الغردقة وسواحل البحر الأحمر.
لكن يظل الفسيخ اللذيذ من نبروه، مع أصناف الطعام الفاخر ومعه البصل الأخضر والملانة والرنجة من ضرورات العيد، لإعادة الذاكرة الطفولية والخصوصية الثقافية وتاريخ الأجداد.
كنت أحب الفسيخ وهي لا تطيق رائحته، لا تزورني أبدا في المواسم، لا تحتفل بالأعياد، وعيد ميلادها لا تذكره، إن ذكرتها به تمط شفتها السفلى وتنهمك في الكتابة. - كم عمرك؟ - مش فاكرة. - مش معقولة انتي. - انتي اللي مش معقولة. - ازاي؟ - إيه يهمك من عمري؟ - عاوزة أعرف انتي عشتي كام سنة. - ليه؟ - مش عارفة. (انتهت المقدمة)
1
نوال السعداوي
القاهرة
22 مارس 2017
كانت هي الأضعف
الأصبع الأوسط من دون أصابع يده اليمنى؛ فليس هناك أصبع آخر يصلح، الأصبع الصغير أرفع من اللازم، والإبهام أتخن من اللازم، السبابة ظفرها ميت لا ينمو بعد أن فرمته الفأس، والظفر مهم، ربما أهم من الأصبع؛ فهو الذي سيشق الطريق. وقد ألح على أمه أن يستخدم شيئا آخر أكثر صلابة كبوز العصا الخيزران، لكن أمه زغدته في كفته بأصابعها القوية فتدحرج على الأرض وعجز عن البصق، فلعق التراب بلسانه وهو يتأمل قدمي أمه الكبيرتين تدبان بقوة، وجسدها الفارع المدكوك يهز الأرض، وأصابعها الطويلة الصلبة تلتف حول الفأس وترفعه إلى أعلى كما لو كان عود ذرة جافا، ثم تهوي به إلى الأرض لتشجها كالبطيخة.
قوية كالثور، تحمل على رأسها حمولة أكثر مما تحملها الحمارة، وتعجن ماجور عجين وتكنس وتطبخ وتعزق وتحمل وتلد ولا شيء فيها يكل أو يمل ... رغم أنها أمه التي صنعته من لحمها وشرب من دمها، لكنها احتجزت لنفسها القوة ولم تورثه غير القبح والضعف.
अज्ञात पृष्ठ