अल-कामिल फ़ी अल-तारीख
الكامل في التاريخ
संपादक
عمر عبد السلام تدمري
प्रकाशक
دار الكتاب العربي
संस्करण
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
प्रकाशक स्थान
بيروت - لبنان
शैलियों
इतिहास
يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تَقُومَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَقْصِدُ فِيهِ بَيْتَكَ لِلْغَدَاءِ. قَالَ سُلَيْمَانُ: أُرِيدُ أَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ. فَـ ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [النمل: ٤٠]- وَهُوَ آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا، وَكَانَ يَعْرِفُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ - ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ [النمل: ٤٠]، وَقَالَ لَهُ انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَأَدِمِ النَّظَرَ فَلَا تَرُدَّ طَرْفَكَ حَتَّى أُحْضِرَهُ عِنْدَكَ. وَسَجَدَ وَدَعَا، فَرَأَى سُلَيْمَانُ الْعَرْشَ قَدْ نَبَعَ مِنْ تَحْتِ سَرِيرِهِ، فَقَالَ: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ﴾ [النمل: ٤٠] إِذْ أَتَانِي بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيَّ طَرْفِي ﴿أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل: ٤٠] إِذْ جَعَلَ تَحْتَ يَدِي مَنْ هُوَ أَقْدَرُ مِنِّي عَلَى إِحْضَارِهِ.
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ: ﴿أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ﴾ [النمل: ٤٢] وَلَقَدْ تَرَكْتُهُ فِي حُصُونٍ وَعِنْدَهُ جُنُودٌ تَحْفَظُهُ فَكَيْفَ جَاءَ إِلَى هَهُنَا؟
فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِلشَّيَاطِينِ: ابْنُوا لِي صَرْحًا تَدْخُلُ عَلَيَّ فِيهِ بِلْقِيسُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ سُخِّرَ لَهُ مَا سُخِّرَ وَبِلْقِيسُ مَلِكَةُ سَبَإٍ يَنْكِحُهَا فَتَلِدُ غُلَامًا فَلَا نَنْفَكُّ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ أَبَدًا، وَكَانَتِ امْرَأَةً شَعْرَاءَ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ لِلشَّيَاطِينِ: ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا يُرَى ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا يَتَزَوَّجُهَا، فَبَنَوْا لَهُ صَرْحًا مِنْ قَوَارِيرَ خُضْرٍ وَجَعَلُوا لَهُ طَوَابِيقَ مِنْ قَوَارِيرَ بِيضٍ، فَبَقِيَ كَأَنَّهُ الْمَاءُ، وَجَعَلُوا تَحْتَ الطَّوَابِيقِ صُوَرَ دَوَابِّ الْبَحْرِ مِنَ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ، وَقَعَدَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيٍّ، ثُمَّ أَمَرَ فَأُدْخِلَتْ بِلْقِيسُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَدْخُلَهُ وَرَأَتْ صُوَرَ السَّمَكِ وَدَوَابَّ الْمَاءِ حَسِبَتْهُ لُجَّةَ مَاءٍ فَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا لِتَدْخُلَ، فَلَمَّا رَآهَا سُلَيْمَانُ صَرَفَ نَظَرَهُ عَنْهَا وَقَالَ ﴿إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: ٤٤] .
فَاسْتَشَارَ سُلَيْمَانُ فِي شَيْءٍ يُزِيلُ الشَّعَرَ وَلَا يَضُرُّ الْجَسَدَ، فَعَمِلَ لَهُ الشَّيَاطِينُ النُّورَةَ، فَهِيَ أَوَّلُ مَا عَمِلَتِ النُّورَةَ،
1 / 206