أسرع نابليون بالرحيل إلى (روثفورت) يقصد السفر إلى أمريكا، ولكنه لم يستطع ذلك لأن المراكب الإنجليزية كانت تراقب الشواطئ. في الخامس عشر من شهر يولية ركب نابليون سفينة إنجليزية تسمى (بللروفون) أوصلته إلى بلدة تورباى من بلاد إنجلترا، وهناك أبلغه قبطانها أن الحكومة الإنجليزية قضت له بالنفي إلى جزيرة سنت هيلانة. (27-13) سنت هيلانة
وصلت السفينة (نورثمبرلند) بنابليون إلى هذه الصخرة القائمة في بحار المحيط الأطلسي في الخامس عشر من شهر أكتوبر، وهناك قضى الإمبراطور العظيم ست سنوات كان فيها كثير القراءة كثير التفكير، وكان حارسه في هذه الجزيرة السير هدسون لو شديد المراقبة عليه كثير الإهانة له، حتى قضى نحبه في الخامس من شهر مايو سنة 1821.
فدفن إلى جانب غدير صاف كانت تظلله أشجار الصفصاف والسرو وتظل نابليون من حر تلك الجزيرة، وبقيت جثته هناك حتى قامت بعثة من فرنسا لنقله إلى الوطن الذي حن إليه وأوصى بنقل جثته إليه «بين الأمة الفرنسية العزيزة التي أحبها حبا جما».
ذهبت هذه البعثة في شهر أكتوبر من سنة 1840 فحملته إلى فرنسا حيث أقيم له مأتم لبس فيه الناس عليه الحداد.
وقد أخذ لنقل الجثة من ميناء الهافر إلى باريس خمسة أيام؛ وذلك لأن فرنسا كانت تحتفل بها في كل مكان وصلته، وقد بلغ من حب الناس له أنهم مع علمهم بموته لم يشاءوا إلا أن يقولوا
Vive l’empreur
ليحي الإمبراطور إيذانا بأنه حي في قلوبهم على الدوام، وأنه ما عجل بموته إلا ما فعلته به إنجلترا حتى حرمت عليه رؤية زوجته وابنه الوحيد من يوم سفره. فقضوا للرجل إلا أن يموت بعيدا عن فلذة كبده ومشتكى حزنه قبل أن يلم به المشيب.
الفصل الأول
نابليون عن نفسه
قال نابليون: «قد كنت أنفق ساعات لعبي في العمل، ولقد طالما قضيت الليل أفكر فيما ألقي علي من دروس النهار؛ ذلك بأن طبيعتي لم تكن تتحمل أن يكون غيري المبرز في فرقتي.» «إني لأرجو والسيف في محملي وديوان هوميروس في جيبي أن أنحت سبيلي في هذه الحياة.»
अज्ञात पृष्ठ