कलिमात फ़ी मबादी इल्म अख़्लाक़
كلمات في مبادئ علم الأخلاق
शैलियों
وهكذا تسقط حجة المعارضة بشقيها النظري والعملي.
ذلك أننا نقبل تحديهم لنا بالمقايسة على الخلقة البدنية، ونقول إننا وإن لم نملك أن نغير طبيعة أبداننا وأن ننشئها خلقا آخر، فإننا نملك أن نعالجها من أمراضها، وأن نهذب شذوذها بتقليم الأظفار، وإزالة ما يغشاها من الشعث والغبار، وأن نجملها بما نشاء من الزينة الظاهرة. وإن رسالتنا في الجهاد الروحي لا تعدو هذا النمط. وكذلك نقبل الحجة التجريبية ونقول إننا ليس علينا أن نمحو من أنفسنا غريزتي الشهوة والغضب كما زعم المجادل. كيف وهما أداتنا في الحياة، لاجتلاب نفعها، واستدفاع ضرها؟ فمثل غريزة التشهي والتمني كمثل كلب الصيد الذي تبعثه في طلب رزقك. ومثل غريزة الألم والغضب كمثل كلب الحراسة الذي تدفع به اللصوص والمعتدين عن نفسك وحريمك. فكما أنه ليس من الحكمة والرشد أن تقتل كلبيك، كذلك ليس من الحكمة والرشد أن تقتل غريزتي الغضب والشهوة فيك، ولكن عليك أن تعلم كلب صيدك ألا يختطف الطير الأليف المملوك، وأن تعلم كلب حراستك ألا ينبح في وجه الضيفان. وهكذا واجبك أن تنظم سير غرائزك إقداما أو إحجاما، على مقتضى قانون الشرع والعقل. وإذا كانت التجربة القاصرة الناقصة قد فشلت في هذه المهمة، فإن التجربة الصابرة المثابرة، التي لا يزيدها الإخفاق إلا معاودة وإلحاحا وتشبثا بالمثل العليا، قد أثبتت دائما نجاحها وانتصارها، تشهد بذلك سير الحكماء والمربين، في أنفسهم وفي تلاميذهم. (5)
وبعد فإننا نلاحظ أن في دعوة المعارضة إحاطة وتعميما، في مقام كان حقه التفصيل والتقسيم. ذلك أن ها هنا فصيلتين من السجايا: (1)
طباعا قاصرة الأثر على نفسية صاحبها، بمعني أنها لا تهتف به إلى عمل حميد أو ذميم. (2)
وطباعا حافزة له على الخير أو الشر.
ولعل أكثر ما جربه المعترضون هو من قبيل الفصيلة الأولى.
فهم إذا قالوا لنا مثلا: إن المرء قد يولد متفائلا أو متشائما، مرحا أو كئيبا، ألمعي الذهن أو بطيء الإدراك، ذكورا أو شديد النسيان، متذوقا للفن أو محروما من حاسة الجمال، نزاعا للانطواء، كثير الانزواء، أو ميالا للخلطة نفورا من الوحدة، وإنه لا حيلة له في تغيير هذه السجايا، قلنا: وماذا يضيرنا هذا العجز إذا كانت هذه الصفات المتقابلة لا تمنع أصحابها - في أي الطرفين فرضوا - أن يكونوا فضلاء أتقياء، مؤدين لواجباتهم نحو الخالق والمخلوق؟
فهذه الفصيلة كلها لا صلة لها بقانون الأخلاق، ولا تنقض مذهب الجمهور فيه.
وإنما الذي يتصل بموضوعنا من الطباع الإنسانية هو ما يكون منها ذا نزعة عملية نحو الفضيلة أو الرذيلة، كما لو قيل لنا إن صنفا من الناس ينشأ منذ طفولته شجاعا جريئا مغامرا، وصنفا آخر ينشأ جبانا مترددا رعديدا، وإن الرجل قد يولد سخيا أو شحيحا، لين العريكة أو شكسا خشن الجانب، إلى نحو ذلك؛ وإن كل ضرب من هذه الأخلاق يوحي إلى إرادة صاحبه حتما تنفيذ مقتضي جبلته.
فنقول: ها هنا أيضا يجب أن نفصل بين الإيحاء وقبول الإيحاء. فكل عمل الطبيعة والجبلة أنها تدعونا وتلح علينا أن نتخذ اتجاها معينا في سيرنا؛ ولكن في وسعنا نحن أن نلبي الدعاء، وأن نرفض الرجاء. وما أحكم التعبير القرآني البليغ حين يقول:
अज्ञात पृष्ठ