कलिमात फ़ी मबादी इल्म अख़्लाक़
كلمات في مبادئ علم الأخلاق
शैलियों
متاعا بالمعروف .
الوجه الثالث:
وهو أعم وأدق، أن الإسلام لا يطلب، ولا يرضى، أن تنفذ أوامره تنفيذا آليا، خضوعا لصولة حكمه، بل لا بد قبل كل شيء أن تسري أوامره إلى أعماق الضمير، حتى يتشربها القلب، ثم تفيض عنه بعد أن تكون قد تحولت فيه إلى أوامر ذاتية انبعاثية ... ذلك أن أول خطوة في امتثال الواجب هي الإيمان بوجوبه وعدالته؛ والخطوة التي تليها هي أن يحمل هذا الإلزام إلى النفس على كف الضمير، مشفوعا بصوت منبعث من أعماقه ، يناديها: «أيتها النفس! إن الله يأمرك أن تفعلي، وأنا آمرك أن تطيعي أمره؛ فإنه حق وعدل، وإنه لا خيرة لك في رده.» فإن لم ينبعث من الأعماق هذا التبليغ، ولم يرتفع فيها هذا الصوت الداخلي، ترديدا لصدى ذلك الصوت السماوي، كان العمل كله هباء عند الله وفي نظر قانون الأخلاق.
القلب (أو الضمير) إذن هو بريد الشرع، الذي لا سبيل إلى الامتثال إلا عن طريقه. وكفى بهذا رفعا لمكانته في غضون أحكام الشريعة.
وبعد، فإن الشريعة نفسها، بعد أن بينت الحلال الصريح، والحرام الصريح، تركت المنطقة التي تختلط فيها الأوصاف، ويشتبه فيها الحكم، وفوضت لكل امرئ أن يستفتي فيها قلبه، ويتحرى فيها طمأنينة نفسه، أخذا بالأحوط والأسلم. هكذا قضى الرسول الحكيم حيث يقول: «الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه.» ويقول: «استفت قلبك واستفت نفسك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك.»
وأخيرا فإن سلطان الضمير في نظر الإسلام لا يقف عند هذا الحد، ولا ينتهي بانتهاء هذه الحياة، بل إن له دورا هاما عند المحاسبة في دار الجزاء، حيث يتقدم بين يدي فصل القضاء، ويصدر حكمه على صاحبه قبل أن يصدر عليه الحكم الأعلى. اقرأ إن شئت قوله تعالى:
وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا . (3)
وأما الحديث عن الأجزية والبواعث والأهداف، ودعوى اختلاف طبائعها في نظر الدين عن نظائرها في نظر الفلسفة، فإنه إن سلم في بعض الأديان الأخرى فهو أبعد ما يكون عن وجهة النظر الإسلامية، وهو في جملته أكثر انطباقا على المسيحية منه على اليهودية (إن صحت نسبة كتبهما المعروفة إليهما)، فقد كان الترغيب والترهيب في التوراة بوعود وإيعادات كلها عاجلة في هذه الدنيا، وتكاد تستأثر بها النزعة المادية الخالصة: الصحة، والرخاء، وكثرة الأولاد، وهزيمة الأعداء، للمطيعين، وأضدادها لأضدادهم،
2
ثم جاء الإنجيل على العكس من ذلك يحول أنظار معتنقيه من ملك الأرض إلى ملكوت السماء، ويبشر الخيرين بما أعد لهم في الآخرة، من جزاء القرض الحسن بأحسن منه ...
अज्ञात पृष्ठ