فلا تجزعن من سنة أنت سرتها .... فأول راض سنة من يسيرها واصطلاحا : ما تقدم في الحكم (وهي قول النبي )غير القرآن ، (وفعله) ، وتركه ، ولم يذكره المصنف بناء على دخوله في الفعل كما هو مذهب البعض ، ولكنه يخالف ما سيأتي له في التأسي ، فإنه صرح به مع الفعل فلعله بنى هنا على قول وفيما يأتي على آخر والله أعلم. (وتقريره) والاحتجاج بها يتوقف على معرفة عصمته والحق أنه لا بد من عصمة الأنبياء (عليهم السلام) عن الكفر وسائر الكبائر والصغائر المنفرة (1)والكذب عمدا مطلقا أو سهوا بعد البعثة عقلا وسمعا لما فيه من النقص والتنفير عن اتباعهم والاقتداء بهم. قلت ودليله ما نشاهده فإن من نشأ على الصلاح والتقوى ولم يعلم منه معصية أعظم تأثيرا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيمن تلبس بشيء من المعاصي وعرف بها ثم تاب وأمر ونهى كذلك بل ربما كان ادعى إلى سبه وهتك عرضه سيما من لا شوكة له ولا هيبة والعصمة عند أئمتنا (عليهم السلام) من فعل الله تعالى بمعنى أنه تعالى يسبل عليهم ألطافا خفية يمتنعون بها عن المعصية وثبوتها قبل وقت التكليف وقال الإمام أحمد بن سليمان (عليه السلام) (وقت النبوة) محتجا بالأسباط وبالإجماع على نبوتهم (فالقول) حكمه (ظاهر) ومباحثه الأمر والنهي والعموم والخصوص ونحوها وينظر في وجه ظهوره فإنه الذي يحتاج إلى شدة البحث كما لا يخفى إذ ليس المراد مجرد ماهيته كما توهم بل الحكم - كما أشرنا إليه - وإلا فالفعل باعتبار ماهيته كذلك فتأمل. وحذف أما هنا لا يليق مع ذكرها في القسمين الأخيرين (وهو أقواها) (1) أي أقوى أقسام السنة لاستقلاله في الدلالة على تعدي(2) حكمه إلينا فلا يحتاج فيها إلى غيره ولعمومه لدلالته على الموجود والمعدوم والمعقول والمحسوس ولأن العمل به يبطل مقتضى معنى الفعل في حق الأمة فقط دون النبي فيمكن الجمع بينهما بأن الفعل خاص به دوننا فنكون قد أخذنا بهما معا والجمع بين الدليلين لا ولو بوجه واجب ما أمكن ولاتفاق (3)من يحتج بالقول والفعل على دلالته بخلاف الفعل فيها أجمع وشروط الاستدلال به [*] شروط الاستدلال بالكتاب العزيز وعلم المستدل بأنه لا يكتم ما أمر بتبليغه بأن يكتم من الكلام مخصصا متصلا أو منفصلا أو كلاما مستقلا ولا يحرفه بان يزيد فيه قيدا يخرجه عن ظاهره ولا يبدله بغيره لأن تجويز ذلك يسد علينا باب الثقة بخطابه وذلك محال ? إن هو إلا وحي يوحى ?[ النجم] ?قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي?[يونس 15] ? إن أتبع إلا ما يوحى إلي ?[الأنعام50]
وأما حكم أقواله المتعلقة بالغير فإذا قضى على الغير بحق أو مال دل على لزومه للمقضي عليه ظاهرا فقط ولذا قال :(إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار) أخرجه في أصول الأحكام وغيره من كتبنا والشيخان
وإذا ملك أحدا مؤمنا كان أو كافرا فيفيد الملك ظاهرا وباطنا عند الحفيد (1) وغيره
وقال الدواري إن ملكه من غيره ثم ملكه الغير فظاهرا فقط وإن ملكه من الغنائم ونحوها كفدك فظاهرا وباطنا.
ودعاؤه يقتضي إيمان المدعو له ظاهرا وباطنا عند الحفيد وغيره ، وقال ابن أبي الخير إن انظم إلى دعائه قرينة تدل على الباطن قطعا فإرادته معلومة أو ظنا فإرادته مظنونة وإلا فالوقف وهو الأولى لجواز كونه مشروطا وإن لم ينطق به كما في دعاء أحدنا لغيره لأن دلالة العقل مشترطة لذلك ومهما اعتقدنا جهلا فقد أتينا من جهة أنفسنا والله أعلم.
पृष्ठ 70