فإن قيل (1): قوله الحمد لله إخبار بثبوت الحمد لله والإخبار عن ثبوت الشيء ليس إياه. أجيب : بأن الإخبار بثبوت جميع المحامد لله تعالى عين الحمد ، كما أن قول القائل :(الله واحد) عين التوحيد ، وبأن مثل هذا القول المذكور إخبار واقع موقع الإنشاء ؛ إذ الظاهر أن المتكلم به ليس بصدد الإخبار والإعلام ، لأن المخاطب به هو الله تعالى ،ففيه وضع الظاهر موضع المضمر (2) ومعنى الحمد لله الحمد لك يا رب ، فقصد المتلفظ به إنشاء تعظيم الله بوصفه بالجميل ، وإيجاده بهذا اللفظ ، والسوابغ جمع سابغة ، والسبوغ الشمول ، والسابغ الكامل الوافي ، ومنه إسباغ الوضوء ، والسوابغ الدروع الواقية ، والنعماء ما قصد به الإحسان والنفع جمع نعمة (1) وهي أصول وفروع ، فالأصول (2): خلق الحي ، وخلق شهوته ، وإكمال عقله ، وتمكينه من المشتهى ، أوما في حكمه - وهو الأعواض كذا قيل ، والفروع: لا تحصى ، قال الله تعالى ?وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ?[ النحل 18].وأصله نعماؤه السوابغ ، كقطيفة ، جرد فحذف الموصوف وهو نعماؤه ، وأقيمت الصفة مقامه ، فقيل على السوابغ ، فالتبس بكل سابغ فرد الموصوف ، وأضيفت الصفة إليه ، وفيه استعارة بالكناية ، لأنه شبه النعمة بالثوب فأثبت لها ما هو من لوازمه - وهو السبوغ - تخييلا ، وإضافته إليها قرينة ذلك. (وبوالغ آلائه) جمع ألى - بالفتح والقصر ، وقد تكسر الهمزة - بمعنى النعمة ، قال تعالى ?فبأي آلاء ربكما تكذبان?[ الرحمن ] والكلام فيه كما في سوابغ نعمائه. (وصلواته) جمع صلاة ، والمراد منها هنا المعنى المجازي وهو الاعتناء بشأن المصلى عليه وإرادة الخيرله (3) أو المراد بها الرأفة ، وهي أشد الرحمة ، واجتماع الرحمة معها في قوله تعالى ? أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة?[البقرة 157] على حد اجتماع الرحمة والرأفة في قوله تعالى ? إنه بهم رؤوف رحيم?[التوبة 117] (4) والضمير(1)لله تعالى. (على سيدنا) (2) لما كان أجل النعم الواصلة إلينا هو دين الإسلام ، وبه توسلنا إلى النعيم الدائم في دار السلام ، وذلك بواسطة الرسول ، أردف (3)الحمد لله بالصلاة على نبيئه ، و(السيد) من ساد قومه سيادة فهو سيد ، وزنه فيعل ، فيكون أصله سيودا قلبت الواو ياء ، وأدغمت فيها الأولى ، والإضافة هنا لتشريف المضاف إليه (محمد) عطف بيان من سيدنا ، أو بدل ، لأن نعت المعرفة (4)إذا تقدمها أعرب بحسب العوامل ، وأعربت المعرفة بدلا ، أو عطف بيان ، وصار المتبوع تابعا كقوله تعالى ? إلى صراط العزيز الحميد* الله?[إبراهيم 1 2] في قراءة الجر(5) (خاتم أنبيائه) صفة محمد إشارة إلى قوله تعالى? وخاتم النبيين ? [الأحزاب 40] فلا نبي بعده ، و(أنبياء) جمع نبي ، والنبي إنسان بعثه الله بشريعة ، والرسول أخص منه ، فهو إنسان كذلك يكون له كتاب وشريعة جديدة ، كذا عند القاسم وحفيده الهادي ، وقرره الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (عليهم السلام) ، وقاضي القضاة ،(6) لقوله تعالى ?وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي?[ الحج 52] بالعطف المقتضي للتغاير وقوله وقد سئل عن الأنبياء ((مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا)) ، قيل : فكم الرسل منهم ؟ قال :((ثلاث مائة وثلاثة عشر)) (1) وقال الإمام المهدي (عليه السلام) وأبو القاسم (2)وغيرهما : بل هما سواء.
पृष्ठ 10