(وهو نوعان) تصوري وتصديقي ، وكل منهما إما (ضروي) منسوب إلى ضرورة العقل يحصل بلا نظر (و) إما (استدلالي) منسوب إلى الاستدلال (1)لا يحصل إلا به ، وهذه القسمة بديهية لا يحتاج فيها إلى تجشم الاستدلال كما ارتكبه بعض ، وذلك أنا إذا رجعنا إلى وجداننا وجدنا من التصورات ما هو حاصل لنا بلا نظر ، كتصور الحرارة والبرودة ، وما هو حاصل به كتصور جقيقة الملك والجن ومن التصديقات ما هو حاصل لنا بلا نظر كالتصديق بأن الشمس مشرقة والنار محرقة ، وما هو حاصل بالنظر كالتصديق بأن العالم حادث ، والصانع موجود ، (فالضروري) منه (ما لا ينتفي) عن النفس (بشك) إذلا يمكن طروه عليه ، ولا مزاحمته له ، (ولا) بسببه - أي (شبهة) - وهو الواقع لا بواسطة نظر كالعلم الواقع بإحدى الحواس ، والواقع بالتواتر كعلمنا ببغداد والبصرة ، فإنا نقطع بوجودهما وإن لم نشاهدهما ، ومنه الوجداني وهو ما لا يفتقر إلى عقل كالمتعلق بالجوع والألم ، ولهذا تدركهما البهائم ،ومنه ما هو أولي يحكم العقل بمجرد تصور طرفيه كقولنا الواحد نصف الاثنين ، والكل أعظم من الجزء ، والسواد والبياض لا يجتمعان ، ومنه التجربي وهو ما يحصل في العادة بتكرر الترتيب من غير علاقة عقلية كالعلم بإسكار المسكر ، وإسهال الصفراء بالسقمونيا (1).
(والاستدلالي مقابله) فهو الذي ينتفي بالشك أو سببه لضرورة زوال الضد عند طرو ضده (2) ولما ذكر العلم أخذ يبين لواحقه ، فقال :
पृष्ठ 50