وأما حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فرواه أبو داود وضعفه ابن القطان وإن سلم فالخطاب للمقلدين لأنه خطاب للصحابة وليس بحجة عليهم اتفاقا كما سبق وحينئذ (المراد به) أي بما ذكر من الأحاديث المفروض صحتها (المقلدون) أي الذين يجوز تقليدهم لا الاتباع في المذهب وإلا كان تقليد بعضهم بعضا واجبا وهو خلاف الإجماع أما علي عليه السلام فقد قامت الدلالة على حجية قوله كما تقدم ومتى ذكر الصحابي حكما فإن لم يكن للاجتهاد فيه مسرح حمل على التوقيف من النبي كأن يقول من فعل كذا فله كذا ثوابا أو عقابا فهذا لا يدرك بالاجتهاد بل طريقه النصوص السمعية كما روي عن عائشة في مسئلة العينة أنها قالت أخبر زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول الله ببدر وحنين (1)وكما روي عن ابن مسعود أنه قال ذو اللسانين في الدنيا له لسانان من نار يوم القيامة أخرجه ابن عساكر. وإن كان للاجتهاد فيه مسرح فإنه يجوز أنه قاله لنص سمعه وأن يكون قاله باجتهاده أو اجتهاد من قلده. قلت وينبغي أن يجري هذا التفصيل في رواية غير الصحابي إذ الحكم واحد والله أعلم
خاتمة للأدلة الشرعية
الحسن والقبح من مهمات أصول الفقه لأن من معظم أبوابه باب الأمر والنهي وهو يقتضي حسن المأمور به وقبح المنهي عنه فلا بد من البحث عن ذلك ثم يتفرع عليه كونها من مهمات علم الفقه لئلا يثبت بالأمر ما ليس بحسن وبالنهي ما ليس بقبيح ومن مهمات علم الكلام من جهة البحث عن أفعال الباري تعالى هل تتصف بالحسن ؟ وهل تدخل القبائح تحت إرادته ؟ تعالى عن ذلك وهل تكون بخلقه ومشيئته تعالى عن ذلك
و(إذا عدم الدليل الشرعي) في الحادثة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وأنواع الاستدلال ونحوه عند من أثبتها دليلا فإن عدم بأن لا يطلع عليه بعد البحث عنه في مظانه فرضا (عمل) حينئذ (بدليل العقل) فإنه حاكم يحسن الشيء أو يقبحه إما باعتبار كونه صفة كمال أو نقص كالعلم والجهل وباعتبار استلذاذه به ونفرته عنه كالمطعوم الحلو أو المر فبلا نزاع إنما النزاع في حكمه بحسنه أوقبحه كذلك مع حكمه باستحقاق فاعله الثواب أو العقاب أجلا في الشرع فعند الأشاعرة لا حكم للعقل فيه وعند غيرهم له فيه حكم فما قضى برجحان فعله فمع الذم بتركه واجب كشكر المنعم وإلا فمندوب كابتداء السلام وما قضى برجحان تركه فمع الذم بفعله حرام كالظلم وإلا فمكروه كمكافأة المسيء وما لم يقض فيه بشيء من ذلك ففيه ثلاثة مذاهب للمعتزلة
पृष्ठ 264