جُزْءُ ابْنِ طَبَرْزَدَ فِيهِ قِصَّةُ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ مَعَ الْمَنْصُورِ، وَفِيهِ قَضَايَا وَأَخْبَارٌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ ﵉، وَحَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ، وَأَخْبَارٌ مِنْ حَدِيثِ يَزْدَادَ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبِ.
رِوَايَةُ أَبِي الْقَاسِمِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئِ، عَنْهُمَا.
رِوَايَةُ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْمُهْتَدِي، عَنْهُ.
رِوَايَةُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَاقِي الَبَزَّازِ، عَنْهُ.
رِوَايَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَدَ، عَنْهُ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 1
١ - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَدَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ بِدِمَشْقَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّ مِائَةٍ، أنا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ، قِرَاءَةً عَلَيْنَا مِنْ لَفْظِهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ الصَّيْدَلانِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، نا أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ، نا عِيسَى بْنُ أَبِي حَرْبٍ الصَّفَّارُ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: دَعَانِي الْمَنْصُورُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: أَنْبِئْنِي بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ يُلْحِدُ فِي سُلْطَانِي، قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَتَطَهَّرَ وَلَبِسَ ثِيَابًا أَحْسَبُهُ قَالَ: جُدَدًا، فَأَقْبَلْتُ بِهِ وَاسْتَأْذَنْتُ لَهُ فَقَالَ: أَدْخِلْهُ قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مُقْبِلا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَتَلَقَّاهُ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّقِيِّ السَّاحَةِ، الْبَرِيءِ مِنَ الدَّغَلِ وَالْخِيَانَةِ أَخِي وَابْنِ عَمِّي، فَأَقْعَدَهُ عَلَى سَرِيرِهِ مَعَهُ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ ثُمَّ قَالَ: سَلْنِي حَوَائِجَكَ، فَقَالَ: أَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَدْ بَخِلَتْ عَلَيْهِمْ عَطَاءَهُمْ فَتَأْمُرُ لَهُمْ بِهِ، قَالَ: أَفْعَلُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا جَارِيَةُ ائْتِنِي بِالتُّحْفَةِ.
فَأَتَتْهُ بِمِدْهَنِ زُجَاجٍ فِيهِ غَالِيَةٌ، فَغَلَّفَهُ بِيَدِهِ وَانْصَرَفَ فَاتَّبَعْتُهُ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَتَيْتُ بِكَ وَلا أَشُكُّ أَنَّهُ قَاتِلُكَ فَكَانَ مِنْهُ مَا رَأَيْتُ وَقَدْ رَأَيْتُكَ تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ بِشَيْءٍ عِنْدَ الدُّخُولِ فَمَا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنَامُ، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لا يُرَامُ، وَاحْفَظْنِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، لا تُهْلِكْنِي وَأَنْتَ رَجَائِي، رَبِّ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا شُكْرِي، وَكَمْ مِنْ بَلِيَّةٍ أَبْلَيْتَنِي بِهَا قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا صَبْرِي، فَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعْمَتِهِ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلِيَّتِهِ صَبْرِي فَلَمْ يَخْذِلْنِي، وَيَا مَنْ رَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي، وَيَا ذَا النَّعْمَاءِ الَّتِي لا تُحْصَى أَبَدًا، وَيَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَضِي أَبَدًا أَعِنِّي عَلَى دِينِي بِدُنْيَا وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَى، وَاحْفَظْنِي فِيمَا غِبْتُ عَنْهُ وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فِيمَا حَضَرْتُ، يَا مَنْ لا تَضُرُّهُ الذُّنُوبُ وَلا تْنَقُصُهُ الْمَغْفِرَةُ اغْفِرْ لِي مَا لا يَضُرُّكَ وَأَعْطِنِي مَا لا يَنْقُصُكَ يَا وَهَّابُ أَسْأَلُكَ فَرَجًا قَرِيبًا وَصَبْرًا جَمِيلا وَالْعَافِيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْبَلايَا وَشُكْرِ الْعَافِيَةِ
1 / 2
٢ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيٌّ، نا الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوْيٍد، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَنا عَلِيٌّ، نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْجَنَبِيِّ، عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَارِدَةٌ قَامَ مِنْهَا وَقَعَدَ وَتَغَيَّرَ وَتَرَبَّدَ وَجَمَعَ لَهَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﵇ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، فَقَالُوا جَمِيعًا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ الْمُفْزِعُ وَأَنْتَ الْمُنْزِعُ، فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا عِنْدَنَا مِمَّا تَسْأَلُ عَنْهُ شَيْءٌ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ أَنَا ابْنُ بَجْدَتِهَا وَأَيْنَ نَجْدَتُهَا وَأَيْنَ مُفْزِعُهَا وَأَيْنَ مُنْزِعُهَا، فَقَالُوا: كَأَنَّكَ تَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لِلَّهِ هُوَ وَهَلْ طَفَحَتْ حَرَّةٌ بِمِثْلِهِ وَابْنُ عَمِّهِ انْهَضُوا بِنَا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ابْعَثْ إِلَيْهِ يَأْتِكَ، قَالَ: هَيْهَاتَ هُنَاكُ شُجْنَةٌ مِنْ هَاشِمٍ وَلَحْمَةٌ مِنَ الرَّسُولِ وَأَثَرَةٌ مِنْ عِلْمٍ يُؤْتَى لَهَا وَلا تَأْتِي، فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحُكْمُ فَأَعْطِفُوا نَحْوَهُ.
فَأَلْفَوْهُ فِي حَائِطٍ لَهُ يُعَالِجُ فَسِيلا لَهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ قَدْ رَضِفَ أَرْدَانَهُ وَبِيَدِهِ مِسْحَاةٌ يَبْرِكُ عَلَيْهِ بِرِجْلِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] .
وَيُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي، فَسَمِعَ الْقَوْمُ بُكَاءَهُ فَبَكَوْا لِبُكَائِهِ فَلَمَّا سَمِعَ بُكَاءَهُمْ فَتَحَ لَهُمُ الْبَابَ فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ لِشُرَيْحٍ: حَدِّثْ أَبَا حَسَنٍ بِالَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: نَعَمْ كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَأَتَانِي هَذَا الرَّجُلُ فَذَكَرَ أَنَّ رَجُلا أَوْدَعَهُ امْرَأَتَيْنِ حُرَّةً مَهِيرَةً وَأُمَّ وَلَدٍ وَقَالَ لَهُ: أَنْفِقْ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَقْدَمَ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَضَعَتَا جَمِيعًا إِحْدَاهُمَا ابْنًا وَالأُخْرَى بِنْتًا وَكِلْتَاهُمَا تَدَّعِي الابْنَ وَتَنْتَفِي مِنَ الْبِنْتِ مِنْ أَجْلِ الْمِيرَاثِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: بِمَ قَضَيْتَ بَيْنَهُمَا أَيُّهَا الْعَبْدُ الأَبْطَرُ؟ فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: لَوْ كَانَ عِنْدِي مَا أَقْضِي بِهِ بَيْنَهُمَا لَمْ آتِكُمْ بِهِمَا، قَالَ: فَأَخَذَ عَلِيٌّ تَبِنَةً مِنَ الأَرْضِ فَرَفَعَهَا فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّ الْقَضَاءَ فِي هَذَا أَيْسَرُ مِنْ هَذِهِ.
ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فَقَالَ لإِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ: احْلِبِي.
فَحَلَبَتْ فَوَزَنَهُ فَلَمَّا عَرَفَ وَزْنَهُ أَهْرَاقَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلأُخْرَى احْلِبِي فَحَلَبَتْ فَوَزَنَهُ فَوَجَدَهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ لَبَنِ الأُولَى، فَقَالَ لَهَا: خُذِي أَنْتِ ابْنَتَكِ.
وَقَالَ لِلأُولَى: خُذِي أَنْتِ ابْنَكِ.
ثُمَّ قَالَ لِشُرَيْحٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لَبَنَ الْجَارِيَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ لَبَنِ الْغُلامِ، وَأَنَّ مِيرَاثَهَا نِصْفُ مِيرَاثِهِ وَأَنَّ عَقْلَهَا نِصْفُ عَقْلِهِ وَأَنَّ شَهَادَتَهَا نِصْفُ شَهَادَتِهِ وَأَّن دِيَتَهَا نِصْفُ دِيَتِهِ وَهِيَ عَلَى النِّصِفْ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
قَالَ: فَأُعْجِبَ بِهِ عُمَرُ إِعْجَابًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: أَبَا حَسَنٍ لا أَبْقَانِي اللَّهِ لِشَدِيدَةٍ لَسْتَ لَهَا وَلا فِي بَلَدٍ لَسْتَ فِيهِ
1 / 3
٣ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا عَلِيٌّ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَصْرِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِامْرَأَةٍ قَدْ وَلَدَتْ وَلَدًا لَهُ خَلْقَانِ بَدَنَانِ وَبَطْنَانِ وَأْرَبَعَةُ أَيْدٍ وَأَرْبَعَةُ أَثْدٍ وَرَأْسَانِ وَفَرْجَانِ اثْنَيْنِ هَذَا فِي النِّصْفِ الأَعْلَى، فَأَمَّا فِي النِّصْفِ الأَسْفَلِ فَلَهُ فَخِذَانِ وَسَاقَانِ وَرِجْلانِ مِثْلُ سَائِرِ النَّاسِ، فَطَلَبَتِ الْمَرْأَةُ مِيرَاثَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُوَ أَبُو ذَلِكَ الْخَلْقِ الْعَجِيبِ عِنْدَ عُمَرَ، فَدَعَاَ عُمَرُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَشَاوَرَهُمْ فَلَمْ يُجِيبُوا فِيهِ بِشَيْءٍ وَدَعَا عُمَرُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ يَكُونُ لَهُ نَبَأٌ فَاحْبِسْهَا وَاحْبِسْ وَلَدَهَا وَاقْبِضْ مَالَهُمْ وَأَقْدِمْ لَهُمْ مَنْ يَخْدِمُهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ ثُمَّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَشَبَّ الْخَلْقُ وَطَلَبَ الْمِيرَاثُ فَحَكَمَ عَلِيٌّ بِأَنْ يُقَامَ لَهُ خَادِمٌ خَصِيٌّ يَخْدِمُ فَرْجَيْهِ وَيَتَوَلَّى مِنْهُ مَا تَتَوَلَّى الأُمَّهَاتُ مَا لا يَحِلُّ لأَحَدٍ سِوَى الأُمِّ، ثُمَّ إِنَّ أَحَدَ الْبَدَنَيْنِ طَلَبَ النِّكَاحَ فَبَعَثَ عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا تَحْكُمُ فِي أَمْرِ هَذَيْنِ إِنِ اشْتَهَى أَحَدُهُمَا شَهْوَةً خَالَفَهُ الآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَ الآخَرُ حَاجَةً طَلَبَ الَّذِي يَلِيهِ ضِدَّهَا حَتَّى إِنَّهُ فِي سَاعَتِنَا هَذِهِ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْجِمَاعَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: اللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّ اللَّهَ ﷿ أَحْلَمُ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُرِيَ عَبْدًا أَخَاهُ وَهُوَ يُجَامِعُ أَهْلَهُ، وَلَكِنْ عَلِّلُوهُ ثَلاثًا فَإِنَّ اللَّهَ سَيَقْضِي قَضَاءَهُ فِيهِ، مَا هَذَا إِلا عِنْدَ الْمَوْتِ فَعَاشَ بَعْدَهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ فَجَمَعَ عُمَرُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَشَاوَرَهُمْ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: اقْطَعْهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَيُّ مِنَ الْمَيِّتِ وَنُكَفِّنَهُ وَنَدْفِنَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَشَرْتُمْ لَعَجَبٌ أَنْ نَقْتُلَ حَيًّا لِحَالِ مَيِّتٍ وَصَحَّ الْجَسَدُ الْحَيُّ، فَقَالَ: اللَّهُ حَسِيبُكُمْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ احْكُمْ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْخَلْقَيْنِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: الأَمْرُ فِيهِ أَوْضَحُ مِنْ تِلْكَ وَأَسْهَلُ وَأَيْسَرُ، الْحُكْمُ أَنْ تُغَسِّلُوهُ وَتُحَنِّطُوهُ وَتُكَفِّنُوهُ وَتَدَعُوهُ مَعَ ابْنِ أُمِّهِ يَحْمِلُهُ الْخَادِمُ إِذَا مَشَى فَيُعَاوِنُ عَلَيْهِ أَخَاهُ فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلاثٍ يَجِفُّ فَاقْطَعُوهُ جَافًّا وَيَكُونُ مَوْضِعُهُ حَيًّا لا يَأْلَمُ، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لا يُبْقِي الْحَيَّ بَعْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِ لَيَالٍ يُتَأَذَّى بِرَائِحَةِ نَتِنِهِ وَجِيفَتِهِ فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ فَعَاشَ الآخَرُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ.
فَقَالَ عُمَرُ ﵁: يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ فَمَا زِلْتَ كَاشِفَ كُلِّ شُبْهَةٍ وَمُوَضِّحَ كُلِّ حُكْمٍ
1 / 4
٤ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا عَلِيٌّ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، وَنا عَلِيٌّ، نا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ، نا هُشَيْمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّجَّارُ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَطَّارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَدْ رَقَدْتُ فَاحْتَلَمْتُ عَلَى أُمِّ فُلانٍ، وَالرَّجُلُ قَاعِدٌ فَغَضِبَ وَكَانَ ابْنَ الْمَرْأَةِ مِنْ قَيْسٍ، ثُمَّ وَثَبَ إِلَيْهِ فَعَلَّقَ بِهِ، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خُذْ لِي بِحَقِّي مِنْهُ، فَتَبَسَّمَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ: «مَا أَجِدُ عَلَى النَّائِمِ حُكْمًا إِلا أَنْ أُقِيمَهُ فِي الشَّمْسِ وَأَحْذِفُهُ افْتَرِقَا رَحِمَكُمَا اللَّهُ، فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ تَضْرِبَ فِيهِ»
1 / 5
٥ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا عَلِيٌّ، نا أَبُو سَعِيدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا الْهُذَيْلِ، يَقُولُ: قَالَ الْمَأْمُونُ لِحَاجِبِهِ يَوْمًا: انْظُرْ مَنْ بِالْبَابِ مِنْ أَصْحَابِ الْكَلامِ فَخَرَجَ وَعَادَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: بِالْبَابِ أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلافُ، وَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبَاضٍ الإِبَاضِيُّ، وِهَشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ الرَّافِضِيُّ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ: مَا بَقِيَ مِنْ أَعْلامِ أَهْلِ جَهَنَّمَ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ حَضَرَ
1 / 6
٦ - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُهْتَدِي بِاللَّهِ، قِرَاءَةً عَلَيْنَا مِنْ لَفْظِهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، وَأَنْظُرُ فِي جُزْئِي سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْدَلانِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ يَزْدَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي دَارِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي شَهْرِ الرَّبِيعِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿ ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩] .
قَالَتْ: «أَمَرَ اللَّهُ ﷿ رَسُولَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَجْلافِ النَّاسِ»
1 / 7
٧ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ، نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَجُلٌ مُنَصْرَفَهُ مِنْ أُحُدٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً يَنْطِفُ مِنْهَا السَّمْنُ وَالْعَسَلُ، فَرأَيْتُ النَّاسَ يَتَكَفّفُونَ بِأَيْدِيهِمْ، فالمُسْتَكْثِرُ وَالمُسْتَقِلُّ، وَرَأَيْتُ سَبَبًا وَاصِلا إِلَى السَّمَاءِ وَرَأَيْتُكَ أَخَذْتَ بِهِ فَأَعْلاكَ اللَّهُ ثُمّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَكَ فَأَعْلاهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ فَانْقَطَعَ بِهِ ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلاَ بِهِ، قَالَ أبُو بَكْرٍ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْبُرُهَا، فَقَالَ: «اعْبُرْهَا»، فَقَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإسْلاَمِ، وَأَمَّا مَا يَنْطِفُ مِنْهَا مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَهُوَ الْقُرْآنُ َحَلاَوَتُهُ وَلِينُهُ، وَأَمَّا مَا تَتَكَفَّفُ النَّاسُ فَالآخِذُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا وَالآخِذُ مِنَ الْقُرْآنِ قَلِيلا، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ إِلَى السَّمَاءِ فَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ أَخَذْتَ بِهِ فَأَعْلاكَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمّ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمّ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ، قَالَ: «أَصَبْتَ بَعَضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا»، قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُخْبِرَنِّي بِالَّذِي أَصَبْتُ مِنَ الَّذِي أَخْطَأَتُ، قالَ: «لا تُقْسِمْ يَا أَبَا بَكْرٍ»
1 / 8
حَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ
1 / 9
٨ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ، نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعِنْدِي بَعْضُ نِسَائِهِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَنَا لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ» .
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَدِيثُ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْيَمَنِ كَانَ بِهَا بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ الْيَمَنِ، وَكَانَ مِنْهُمْ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَإِنَّهُنَّ خَرَجْنَ إِلَى مَجْلِسٍ لَهُنَّ، فَقَالَ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: تَعَالَيْنَ فَلْنَذْكُرْ بُعُولَتَنَا بِمَا فِيهِمْ وَلا نَكْذِبُ، قَالَ: فَتَبَايَعْنَ عَلَى ذَلِكَ فَقِيلَ لِلأُولَى تَكَلَّمِي بِنَعْتِ زَوْجِكِ، فَقَالَتِ: اللَّيْلُ لَيْلُ تِهَامَةَ وَالْغَيْثُ غَيْثُ غَمَامَةٍ وَلَا حَرٌّ وَلَا وَخَامَةٌ، قِيلَ لِلثَّانِيَةِ وَهِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ عَمْرٍو، فَقَالَتْ: الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، أَغْلِبُهُ وَالنَّاسَ يَغْلِبُ، قِيلَ لِلثَّالِثَةِ تَكَلَّمِي وَهِيَ حُيَيَّ ُابْنَةُ كَعْبٍ، قَالَتْ: مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَسَارِحِ عَظِيمَةُ الْمَبَارِكِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الضَّيْفِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ، قِيلَ لِلرَّابِعَةِ وَهِيَ مَهْدَدُ بِنْتُ أَبِي هَرْمَةَ، قَالَتْ: زَوْجِي لَحْمٌ عَلَى جَبَلٍ وَغَثٌّ لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ، قِيلَ لِلْخَامِسَةِ تَكَلَّمِي وَهِيَ كَبْشَةُ، قَالَتْ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ كَثِيرُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ، لَا يَشْبَعُ لَيْلَةَ يُضَافُ، وَلَا يَنَامُ لَيْلَةَ يَخَافُ، قِيلَ لِلسَّادِسَةِ تَكَلَّمِي، وَهِيَ هِنْدَ قَالَتْ: زَوْجِي كُلٌّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، إِنَّ حَدَّثْتِهِ شَجَّكِ وَإِنْ مَازَحْتِهِ فَلَّكِ، وَإِلا جَمَعَ كُلا لَكِ، قِيلَ لِلسَّابِعَةِ: تَكَلَّمِي وَهِيَ حُيَيُّ بِنْتُ عَلْقَمَةَ، قَالَتْ: زَوْجِي إِذَا خَرَجَ فَفَهِدَ وَإِذَا دَخِلَ فَأَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، وَلَا يَرْفَعُ الْيَوْمَ لِغَدٍ، قِيلَ لِلثَّامِنَةِ تَكَلَّمِي، وَهِيَ ابْنَةُ أَوْسِ بْنِ عَبْدٍ قَالَتْ: زَوْجِي إِذَا أَكَلَ الْتَفَّ وَإِذَا شَرِبَ اشْتَفَّ وَلا يُدْخِلُ الْكَفَّ فَيَعْلَمُ الْبَثَّ، قِيلَ لِلتَّاسِعَةِ تَكَلَّمِي قَالَتْ: زَوْجِي مَنْ لَا أَذْكُرُهُ وَلَا أَبِثُّ خَبَرَهُ أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ، قِيلَ لِلْعَاشِرَةِ: تَكَلَّمِي.
وَهِيَ كَبْشَةُ بِنْتُ الأَرْقَمِ، قَالَتْ: نَكَحْتُ الْعَشَنَّقَ إِنْ سَكَتُّ عَلَّقَ وَإِنْ تَكَلَّمْتُ طَلَّقَ، قِيلَ لأُمِّ زَرْعٍ وَهِيَ أُمِّ زَرْعٍ بِنْتُ أُكَيْمِلِ بْنِ سَاعِدَةَ: تَكَلَّمِي، قَالَتْ: أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، بَجَّحَنِي فَبَجَحْتُ، وَجَدَنِي فِي غُنَيْمَةِ أَهْلِي فَنَقَلَنِي إِلَى أَهْلِ حَامِلٍ وَصَاهِلٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ أَنَامُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ وَأَتَكَلَّمُ فَلا أُقَبَّحُ، وَبِنْتُ أَبِي زَرْعٍ وَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، مُضْجَعَةٌ مِثْلُ السَّطْبَةِ وَتُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، وَوَلِيدَةُ أَبِي زَرْعٍ وَمَا وَلِيدَةُ أَبِي زَرْعٍ، لا تُفْسِدُ مِيرَتَنَا تَعْشِيشًا، وَلا تُخْرِجُ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِي أَبُو زَرْعٍ واَلأَوْطَابُ تُمْخَضُ فَإِذَا هُوَ بِأُمِّ غُلامَيْنِ كَالْفَهْدَيْنِ يَرِمَا مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِالرُّمَّانَتَيْنِ، فَتَزَوَّجَهَا أَبُو زَرْعٍ وَطَلَّقَنِي فَاسْتَبْدَلْتُ بَعْدَهُ وَكُلُّ بَدَلٍ أَعُوذُ فَتَزَوَّجْتُ شَابًّا سَرِيًّا رَكِبًا شَرِيًّا أَعْوَجِيًّا وَأَخْذَ خَطِيًّا، وَأَرَاحَ نَعَمًا ثَرِيًّا، فَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَجَمَعْتُ أَوْعِيَتَهُ فَلَمْ تَعْدِلْ وِعَاءً وَاحِدًا مِنْ أَوْعِيَةِ أَبِي زَرْعٍ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنَا لَكِ كَزَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ»
1 / 10
٩ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ، نا الزُّبَيْرُ، حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ فِي النِّسْوَةِ: " فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ لَتَصْدُقَانَّ، وَكَانَ النَّاسُ يَعْجَبُونَ لِفَصَاحَةِ الْكَلامِ إِلا أَنَّهُ قَالَ: إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ مُزْهِرٍ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنَا لَكِ كَأِبي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ إِلا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَأَنَا لا أُطَلِّقُكِ»
1 / 11
وَصِيَّةُ فَاطِمَةَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ
1 / 12
١٠ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ إِنَّ هَذِهِ نُسْخَةُ وَصِيَّةِ فَاطِمَةَ ٦٣٨٨ L ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا كَتَبَتْ بِهِ فَاطِمَةُ فِي مَالِهَا إِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ تَصَدَّقَتْ بِثَمَانِينَ أُوقِيَّةً ذَهَبًا يُنْفَقُ عَنْهَا مِنْ أَثْمَرِ مَالِهَا قَالَ الزُّبَيْرُ: الأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا كُلُّ عَامٍ فِي كُلِّ رَجَبٍ بَعْدَ نَفَقَةِ السَّقْيِ مِنَ السَّقْيِ، وَالْبَعْلُ مِنَ الْبَعْلِ، وَإِنَّهَا قَدْ أَنْفَقَتَ أَثْمَرَ مَالِهَا الْعَامَ وَأَثْمَرَ الْقَمْحِ عَامًا قَابِلا أَوَانَ عِلَّتِهَا، وَإِنَّهَا قَدْ أَمَرَتْ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ بِخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَأَمَرَتْ لِفُقَرَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ بِخَمْسِينَ أُوقِيَّةً، وَكَتَبَتْ فِي أَصْلِ مَالِهَا بِالْمَدِينَةِ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَهَا أَنْ تُولِيهِ مَالَهَا فَأَجْمَعُهُ إِلَى مَالِ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا وَلا يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَيَتَلَقَّى ثَمَرَةً وَيَتَصَّدَقُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ دَفَعَهُ إِلَى ابْنَيَّ فَيِلِيَانِهِ، وَإِنِّي قَدْ دَفَعْتُ إِلَى عَلِيٍّ أَنِّي أُحَلِّلُهُ فِيهِ فَيَدَعُ مَالِي وَمَالَ مُحَمَّدٍ لَا يُفَرِّقُ مِنْهُ شَيْئًا يُعْطِي عَلَيَّ مِنْ أَثْمَنِ الْمَالِ لَمَا أَمَرَتْ بِهِ وَمَا تَصَدَّقَتْ بِهِ فَاطِمَةُ، فَإِذَا قَضَى صَدَقَتَهَا وَمَا أَمَرَتْ بِهِ فَالأَثْمَرُ بِيَدِ ابْنِهِ، وَبِيَدِ عَلِيٍّ يَتَصَدَّقُ وَيُنْفِقُ حَيْثُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ دَفَعَهُ إِلَى ابْنَيَّ، الْمَالانِ جَمِيعًا مَالِي وَمَالُ مُحَمَّدٍ فَيَتَصَدَّقُ وَيُنْفِقُ حَيْثُ شَاءَ لا حَرَجَ عَلَيْهِمَا فِيهِ، وَأَنَّ لابْنَةِ جُنْدُبٍ الْبُيُوتَ الأَصَاغِرَ وَطُعْمُهَا فِي الْمَالِ مَا دَامَتْ حَيَّةً، وَلِعَلِيٍّ الأَدَمَانِ وَالنَّمَطُ الْخَيِّرُ وَالسَّرِيرُ وَالزَّرِيبَةُ وَالْقَطِيفَتَانِ، وَإِنْ حَدَثَ بِأَحَدٍ مِمَّنْ أَوْصَيْتُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ فَإِنه يُنْفَقُ مِنْهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَإِنَّ الأَسْتُرَ لا تَسْتَتِرُ بِهِنَّ امْرَأَةٌ إِلا إِحْدَى ابْنَتَيْ زَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، غَيْر أَنَّ عَلِيًّا يَتَسَتَّرُ بِهِنَّ إِنْ شَاءَ مَا لَمْ يَنْكِحْ.
وَإِنَّ هَذَا مَا كَتَبَتْ فَاطِمَةُ فِي مَالِهَا وَقَضَتْ فِيهِ وَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ الشَّهِيدُ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَالْمِقْدَادُ وَعَلِيٌّ كَتَبَهَا وَلَيْسَ عَلَى عَلِيٍّ حَرَجٌ فِيمَا فَعَلَ مِنْ مَعْرُوفٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: ابْنَةُ جُنْدُبٍ بِنْتُ أُمِّ كُلْثُومٍ
1 / 13
١١ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ، نا الزُّبَيْرُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَى شَاعِرٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِبِلالٍ: «يَا بِلالُ اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ» .
قَالَ: فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَحُلَّةً، فَذَهَبَ وَهُوَ يَقُولُ: قَطَعْتُ وَاللَّهِ لِسَانِي
1 / 14
١٢ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: «عَلَّمَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ السَّخَاءَ»
1 / 15
١٣ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ، نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، نا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَى بِشَاعِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: تُنْشِدُ رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لا خَيْرَ فِي الشِّعْرِ؟ فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَاخْرُجُوا بِنَا» .
فَخَرَجُوا إِلَى الْمَقَاعِدِ فَأَنْشَدَهُمْ مَدْحَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا بِلالُ أَعْطِهِ النَّاقَةَ السَّوْدَاءَ.
ثُمّ قَالَ، أُعْطِيكَهَا بِمَا مَدَحْتَ اللَّهَ فَأَمَّا مَدْحِي فُلا أُعْطِيكَ شَيْئًا»
1 / 16
١٤ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَنْشَدَنَا يَزْدَادُ، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ لابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزْدَادَ: إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالأَيَّامِ نَرْبَعُهَا ... وَكُلُّ يوْمٍ مَضَى بَعْضٌ مِنَ الأَجَلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ يَا مَغْرُورُ صَالِحَةً ... قَبْلَ الْمَمَاتِ وَأَنْتَ الْيَوْمَ فِي مَهَلٍ
1 / 17
١٥ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، نا يَزْدَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِمْلاءً، نا أَبِي، قَالَ: كَانَ جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ يَزَدْادَ وَزِيرًا لِلْمَأْمُونِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْمَأْمُونِ وَقَدْ نَهَضَ وَفِي يَدِهِ قِرْطَاسٌ يَقْرَؤُهُ فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ تَعْلَمُ مَا فِي هَذَا؟ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَعْلَمُهُ وَهُوَ فِي يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: اقْرَأْهُ فَأَخَذْتُهُ، فَإِذَا فيِهِ: إِنَّكَ فِي دَارٍ لَهَا مُدَّةٌ يُقْبَلُ فِيهَا عَمَلُ الْعَامِلِ أَمَا تَرَى الْمَوْتَ فِيهَا مُحْبِطًا بِهَا يَقْطَعُ فِيهَا الأَمَلَ تَعْجَلُ الذَّنْبَ لِمَا تَشْتَهِي وَتَأْمُلُ التَّوْبَةَ مِنْ قَابِلٍ وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَعْدَ ذَا غَفْلَةٍ مَاذَا يَفْعَلُ الْجَارِمُ الْغَافِلُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ مَاتَ يَزْدَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ الْعَلاءِ، يَقُولُ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ ﵀ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَمَاتَ أَبُو طَالِبٍ الْكَاتِبُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ
1 / 18