إنَّ سيدنا «هارون» إنما كف عن منع بني إسرائيل، بعد أن بلغ في ذلك مبلغا عظيما، وخشي على الدعوة، وهو خليفة أخيه «موسى» ﵉، فلو أنه قتل، وليس فيهم «موسى» ﵇ لكانت آثار ذلك جدَّ فادحة على الدعوة فأيقن بنور النبوة وحكمتها، أن الصبر عليهم، وترك التصدي لهم، حتى يعود موسى ﵇، أنفع وأعلى للدعوة وللأمة، من الإقدام على التصدي والاستشهاد في سبيل الله، فإن في الاستشهاد خيره وحده، وهو إنما يريد الخير للأمة والدعوة، فسيدنا «هارون» ﵇ ما سكت مخافة قتله فقط، «إنما خشي تفرق الأمة من بعد قتله: ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ (طه: ٩٤)، فحرصه على القيام بحق ما كلفه به «موسى» ﵇، وهو ذاهب إلى الميقات ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ (الأعراف: ١٤٢)، وهو السبب الرئيس إلى كف سيدنا «هارون» ﵇ عن التصدي لهم، من بعد أن بلغ في دعوتهم والتصدي لهم مبلغًا عظيمًا.