ودخل بدير وما إن رأى الحقيبة حتى قال: جبت الهدوم؟ - آه. - وخدت الشنطة الكبيرة ليه؟ إياك عندك هدوم كتير؟ - آه.
وكان بدير يتكلم وهو يروح ويجيء مبتهجا ويدور في الحجرة وينظر أحيانا إلى الحقيبة، ولا أحد يدري مصدر النزوة الغريبة التي راودته والتي تراود الناس كلما رأوا حقيبة كبيرة أن يجلسوا عليها، وقال بدير وهو يكف عن مشيه ويهبط بجسده الضخم فوق الحقيبة: هه، وازيك؟ مالك مبوز كده؟
واندفع حمزة يصرخ: إوعه، إوعه، قوم.
وانتفض بدير واقفا في ذهول لا يدري سببا لهذا الصراخ المفاجئ.
وقال حمزة في نبرات متقطعة محاولا إصلاح الأمر: أصل، الهدوم تكسر، الشنطة ماتستحملش. - ياخويا خوفتني، هي هدومك قزاز وألا إيه؟ - أبدا، هه، أما أشيلها أحسن.
ورفع حمزة الحقيبة وتكلف جهودا شاقة ليستطيع أن يبدو أمام بدير وهو يحملها في خفة وكأنها تحتوي ملابسه فقط، وعاد إلى الحجرة وجلس صامتا ناظرا في ساعته، كانت الساعة الرابعة وما تبينها حتى أحس بجفاف في حلقه وبشيء من الرهبة ودق القلب، أحس بهذا كله دون أن يدري له سببا، كل ما في الأمر أنه تذكر أن ما بعد الظهر قد حان، وما بعد الظهر ميعاد فوزية.
ماذا حدث؟
لقد تم أول لقاء بينهما وكل شيء هادئ وعادي.
فلماذا أدمن بعد ذلك التفكير فيها؟
ولهفته على لقائها في مصر الجديدة لم تكن أبدا لهفة لقاء عادي.
अज्ञात पृष्ठ