जुगराफियात नक़्ल

मुहम्मद रियाद d. 1450 AH
140

जुगराफियात नक़्ल

جغرافية النقل

शैलियों

وأهم ما يميز الميناء الحربي هو موقعه الجغرافي بالنسبة للمياه التي يتحرك فيها الأسطول الحربي الرابض في هذا الميناء، ولذلك تتعدد الموانئ الحربية إذا كان الساحل طويلا، أو إذا كان للدولة أكثر من واجهة بحرية ذات أهمية عسكرية بالنسبة لأمن الدولة أو بالنسبة لأطماع الدولة التوسعية؛ ولهذا فإن تغير استراتيجية الدولة العسكرية من هجوم إلى دفاع، أو من انتقال مركز الثقل العسكري من بحر إلى آخر يؤدي بدوره إلى تغيرات في أهمية الميناء الحربي.

ومن الأمثلة على ذلك أن ميناء شاثام

Chatham

الإنجليزي كان له دور هام كقاعدة بحرية خلال الحرب الإنجليزية الهولندية في القرن السابع عشر، وبالمثل كان لدوفر وبورتسموث وبفنبورت أهمية عسكرية كموانئ إنجليزية على بحر المانش خلال الحروب الإنجليزية الفرنسية أيام إمبراطورية نابليون، وانتهت هذه الأهمية بعد سقوط نابليون في 1815، وبعد توحيد ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأخذت تتطلع إلى تكوين إمبراطورية استعمارية في أفريقيا بعد مؤتمر برلين 1895، بدأت أهمية نمو الأسطول الحربي الألماني تظهر، ومعها تتركز أهمية عسكرية لعدد من موانئ ألمانيا الصغيرة المطلة على بحر الشمال، وعلى الأخص في جزيرة هليجولند المواجهة لميناء هامبورج ومصب الألب.

وفي خلال التوسع الاستعماري للإمبراطورية البريطانية أخذت بريطانيا تقيم عددا من القواعد البحرية في مناطق متعددة من العالم لتأمين أملاكها وتجارتها من مستعمراتها؛ لهذا نجد بريطانيا تستولي على عدد من المفاتيح البحرية وتحولها إلى قواعد حيوية لأساطيلها العسكرية، ومن أمثلة ذلك ميناء جبل طارق الذي يتحكم في البحر المتوسط كله، بما في ذلك الشريان البحري الحيوي الذي يمر عبر قناة السويس إلى عالم المحيط الهندي. وكذلك قامت مالطة بدور مماثل داخل البحر المتوسط. وكذلك قبرص والإسكندرية.

وكذلك سيطرت القاعدة البحرية الإنجليزية في هونج كونج على جزء هام من تجارة الصين. وفي الوقت نفسه كانت قاعدة بحرية لأسطول إنجليزي في شرق آسيا وبحر الصين، وبالمثل كان لسنغافورة وملقا أهمية حيوية للملاحة في جنوب شرق آسيا؛ فهي بمثابة مفتاح جوهري بين عالمي المحيط الهندي والباسيفيكي، وبين أوروبا وآسيا وأستراليا في وقت واحد، والبحرين واتحاد إمارات الخليج وعمان كلها كانت مفاتيح إنجليزية على خليجي عمان والعربي (الفارسي سابقا) يتحكم في الطريق الذي اقترحته ألمانيا خلال فترة توسعها والمعروف باسم خط برلين-بغداد (خط حديدي)، وكان الغرض منه تهديد أملاك بريطانيا من المحيط الهندي، وهي في الوقت نفسه منطقة كانت تنتهي إليها أطماع روسيا القيصرية في الوصول إلى المحيط الهندي عبر إيران.

وكانت عدن تسيطر على مفتاح أقصر طرق المواصلات البحرية في الهند وآسيا إلى أوروبا عبر قناة السويس، وهي في الوقت نفسه مركز بحري إنجليزي يسيطر على منطقة البحر العربي من شرق أفريقيا إلى السواحل الغربية للهند وسواحل الجزيرة العربية.

وكذلك كانت الولايات المتحدة - ولا زالت - تحتل قاعدة جوانتنامو في الساحل الجنوبي لجزيرة كوبا، وذلك لتأمين نفوذها في البحر الكاريبي وحماية مداخل قناة بنما. وكذلك قبلت قاعدة بيرل هاربور (في جزر هاواي) قاعدة الأسطول الباسيفيكي الأمريكي المتقدم في اتجاه آسيا الشرقية وجنوب شرق آسيا؛ ولهذا فإن ضرب اليابان لهذا الميناء في بداية حربها مع أمريكا، قد أوقع كل الاستراتيجية الأمريكية العسكرية في الباسيفيك في مأزق خطير لفترة طويلة، ولولا القنابل الذرية الأمريكية التي أسقطت على كل من هيروشيما ونجازاكي لكن سير الحرب الأمريكية اليابانية قد اتخذ طرقا أخرى أطول زمنا بكثير مما انتهى إليه الأمر، وبنفس الطريقة كان اهتمام اليابان بإنشاء قاعدية بحرية في جزيرة «تروك» للسيطرة على جنوب غرب الباسيفيك (في شرق مجموعة جزر كارولين). وكذلك كان اهتمام فرنسا بميناء طولون الحربي لتأمين أملاكها في شمال أفريقيا وغرب أفريقيا.

وفي الوقت الحاضر، ومع تغير التوازن الدولي، أصبح للولايات المتحدة اهتمامات عالمية؛ ومن ثم أنشأت أساطيل حربية جوالة في مناطق معينة من العالم؛ لتأمين نفوذها ومصالحها الاقتصادية؛ ففي الباسيفيك الجنوبي الغربي تمثل الفلبين قاعدة بحرية للأسطول الأمريكي السابع الذي أصبح يحل محل القواعد البحرية البريطانية العديدة في جنوب شرقي آسيا (سنغافورة وملقا وهونج كونج). ولا شك في أن ذلك التركيز في الموانئ الحربية قد نجم عن تغير الخطط العسكرية، مرتبطا في ذلك بتطور السفن الحربية، ومؤدى هذا التطور هو التركيز على قوة الضرب الحديثة الواسعة المدى بواسطة حاملات الطائرات والغواصات الذرية الحاملة للصواريخ بأشكالها المختلفة.

وبالمثل يقوم الأسطول السادس الأمريكي بدوره في حماية مصالح أمريكا وحلف الأطلنطي في جنوب أوروبا والشرق الأوسط، ويسد الطريق على التوسع السوفييتي من البلقان في اتجاه البحر المتوسط. والقاعدة الرئيسية للأسطول السادس الأمريكي كانت نابولي، لكن تغير مسار الأحداث خلال العشرين سنة الماضية قد جعل منطقة شرق المتوسط أهم من غرب المتوسط وجنوب أوروبا، خاصة بعد خروج الاستعمار الفرنسي من شمال أفريقيا، واستقلال ليبيا، ونمو الاتجاهات السياسية والعسكرية العربية تجاه التوسع الإسرائيلي، واستقلال قبرص، ودخول الأسطول السوفييتي بين الحين والحين إلى البحر المتوسط، ثم أخيرا موقف مالطة المستقلة من قاعدة الأسطول الغربي، كل هذه الأحداث جعلت الولايات المتحدة تسعى إلى تقريب قاعدة أسطولها السادس من منطقة الأحداث. ويتمثل ذلك في سعيها للحصول على مركز بحري في اليونان، بالإضافة إلى إمكانية استخدام موانئ فلسطين. وكذلك لا نعفي تحرك الأحداث الجديدة بين المعارضة والحكومة في قبرص من دوافع أمريكية مرتبطة بتركيز قواها البحرية في شرق المتوسط.

अज्ञात पृष्ठ