الجزء الثالث: قال ابن فاطمة: أوائل هذا الجزء جارية من حكم الصحارى والرمال السائلة وعدم الماء، يجري مجرى الجزء الذي قبله إلى أن يلقاك طرف جبل مقورس الذي ينبع منه نهر كوكو الداخل إلى الإقليم الأول، ثم بلاد كوار وهو سودان مسلمون وقاعدتهم اسمها كوار، وهي الآن داخلة في طاعة سلطان الكانم. وموضوعها حيث الطول خمس وأربعون درجة والعرض عشرون درجة ودقائق. وفي غربيها على مرحلتين بحيرة كوار المشهورة. طولها اثنا عشر ميلًا وعرضها ثلاثة أميال. وهي حلوة عميقة وفيها البوري يملحونه ويحملونه إلى البلاد. وفي شرق كوار على مرحلة بحيرة السول طولها عشرون ميلًا وعرضها أربعة أميال، وهي حلوة غير عميقة يظهر فيها حوت كثير الشوك وتمدها عين تأتي من جهة الجنوب من جبل صغير. وكثيرًا ما تقع الفتن بين سكان كوار وبرابر الصحراء وأعراب فزان على هاتين البحيرتين إذ لا تزال هذه الفرق تنجع جهاتها. وفي شمالي كوار وغربيها من مدنهم المذكورة على الجادة، قصر عيسى، وهو على أربع مراحل منها. وغربيه على ذلك المنزع القصبة. وهي ذات نخل وكلأ، يوجد في أرضها الشب الذي يحمل إلى البلاد. ولكوار مدن وعمائر غير هذه لكنها خاملة الذكر. ولهم مجالات في الإقليم الثاني وفي شمالي الأول، وقد تخلقوا بأخلاق البيض في لبس الصوف والقطن والبرود.
ويمتد جبل لونيا الكبير في جنوب هذه المدن إلى قريب من عطفة النيل المصري. ولذلك يقال إن فرعًا من ماء النيل يغوص عنده ويخرج بعد مدى بعيد في جبل مقورس المتقدم ذكره والذي خرج منه نهر كوكو وقيل غير ذلك. وفي شمالي هذا الجبل الممتد من الغرب إلى الشرق بلاد بركامي وهم سودان أهل عافية ولهم أودية بين جبال وفيها نخل ومياه وخضر. والذين يوالون منهم بلاد الكانم مسلمون. والذين يوالون بلاد النوبة نصارى. والذين يوالون زغاوه أهل أوثان. وجبل لونيا المطل عليهم الذاهب إلى بلاد كوار تنزل منه أنهار صغار يجد فيها المسافرون رحمة. قال ابن فاطمة: ويقال إنها من رشح النيل الغائص في الجبل. وفي جنوبي جبل لونيا مجالات زغاوه الكفار، ويقال لهم شعوه. وفي شمال كوار جبل غرغه ممتد من المغرب إلى المشرق بينه وبين خط الإقليم الثالث مرحلة، حكوا أن فيه نملًا كبارًا على قدر العصافير. وفي شرقي كوار مع ميل إلى الشمال مجالات سندراته، وهم برابرة مسلمون ملثمون ولكنهم يورثون ابن الأخت جريًا على عادة كانت لهم قبل الإسلام. وفي طرف جبل لونيا الغربي بين جبال وأودية مدينة تادمكه، وهي معروفة عند المسافرين مذكورة في الكتب وأهلها برابرة مسلمون يكثرون من التجارة والسفر إلى بلاد السودان وهم في طاعة الكانم. وموضوعها في جنوبي الجبل وشمالي خط الإقليم الثاني حيث الطول أربع وأربعون درجة ودقائق. وفي آخر هذا الجزء من الجانب الشرقي الواحات الجنوبية وأكثرها قفار وفيها جزائر نخل في الرمال ومياه أكثرها غير عذبة.
الجزء الرابع: أول ما يلقاك في غربيه، جزيرة النيل المصري على جانبيه عمائر النوبة إلى أن يكون في الوسط جزيرة بلاق وفيها مدينة بلاق المشهورة عند المسافرين وعلى هذا الذراع الشرقي وينصب تحتها نيل الحبشة.
1 / 21