الجزء التاسع: أول ما يلقاك من الجزائر الهندية جزيرة نكواره. وهي من الجزر المشهورة على ألسن المسافرين، طولها نحو مائة ميل وعرضها نصف ذلك، وبينها وبين البحر حيث بلاد برقلي نحو نصف مجرى. وبينها وبين أول هذا الجزء درجة. وفي جنوبها جزيرة اندمان بينهما نحو مجراوين وهي على قدرها. وتوجد فيها جميعًا الفيلة ويجهز منها العاج. وفي شرقي هاتين الجزيرتين مع الداخل بالغرب من خط الإقليم الثاني مدينتان من مدن الرامن على جون من البحر والجون بينهما حيث الطول مائة وتسع وأربعون درجة. وفي شرقي ذلك وجنوبه جزائر المهراج وهي كثيرة ومذكورة في الكتب ويوجد فيها الذهب الطيب، وصاحبها من أغنى ملوك الهند وأكثرهم فيلة. وجزيرته الكبيرة التي فيها مدينة المهراج، طولها مئتا ميل ووسعها قريب من مائة ميل. والمدينة في طرفها الغربي حيث الطول مائة وإحدى وخمسون درجة والعرض اثنتا عشرة درجة ونصف. وفي شرقي المدينة خور مادته من جبل شماليها. ويقال إن قصر هذا الملك على جدول متسع وقد فرش قاعه بالفضة وجعل محصور الطرفين لئلا يخرج منه ما يوضع فيه. وسنة كل ملك منهم منذ ملك هذه الجزائر أن يرمي الملك أجرة من ذهب في كل سنة فإذا كانت موته حسبت الأجرّ وعرف قدر مدته في الملك ورد منها أجرة واحدة وأنفق الغير على الأجناد في هذا الملك القائم. وللأجر المفرد جهة وللآخر جهة فإذا أرادوا أن يعرفوا كم مَلِكٍ مَلِكَ منهم حسبوا الأجر المفرد بقضيب ولا يخرجونه من مكانه بل يكون في موضع تطلع عليه الشمس فيضاحك ذلك الذهب من خلال الماء. وهنالك من فصوص الياقوت والزمرد وحب اللؤلؤ الكبير مما يتنافس فيه مع الملوك ويفخر به عليهم. وذكر أن المكان، هو خزانة هذه الذخائر قالوا ولا يعلم أن هذه الجزيرة قد انتقلت من نسب واحد إلى غيره، وبذلك يفتخرون على مجاوريهم. والمهراج لقب يتوارثونه. وفي جنوبي جزيرة المهراج جزيرة الجاوه الكبيرة المشهورة التي تقصدها المراكب. أكثر ما فيها من العقاقير الهندية واشتهار أهلها بحسن السيرة مع المسافرين. وأولها الغربي حيث الطول مائة وأربع وأربعون درجة وفي ذلك الركن من مدنها المشهورة على ألسن التجار لامري، والعرض هناك خمس درجات. وفي جنوبيها في الركن الغربي الجنوبي مدينة فنصور التي ينسب إليها الكافور الفنصوري، وهي مسامتة للأخرى في الطول وعرضها درجة ونصف. وجبال الكافور ممتدة من المدينة إلى قرب آخر الجزيرة من غرب إلى شرق. وفي وسط الجزيرة على جبال الكافور قاعدتها مدينة الجاوه وبها صاحب الجزيرة وما جاورها من الجزر المنسوبة إليها. وإلى هذه المدينة ينسب العود الجاوي الأسود الرصين الذي يغرق في الماء كأنه الزلط، ويقال إنه عرق شجر العود. وموضوع هذه المدينة حيث الطول مائة وتسع وأربعون درجة وعشرون دقيقة والعرض ثلاث درجات وفي الركن الشرقي الجنوبي مدينة كله وهي مشهورة على ألسن المسافرين، وإليها ينسب الكلهي المفضل في عوده ودهانه. ويقال إنهم يصنعون مراكبهم من ذلك فلا يكون في بحر الهند مثلها. وهذه المدينة حيث الطول مائة وأربع وخمسون درجة واثنتا عشرة دقيقة وفي الجانب الشرقي الشمالي مدينة ملاير وهي مشهورة مقصودة للحط والإقلاع وطولها مقارب لطول كله، وعرضها مقارب لعرض لامري. وكل مدينة من المدن التي ذكرت في هذه الجزيرة على خور ويكون طول هذه الجزيرة ثمانمائة ميل من الغرب للشرق ووسعها دائر على ثلاثمائة ميل وأربعين ميلًا. وحينما تفارقها المراكب المشرفة للصين يخرج لها على اليمين واليسار طرفان يكون وسع البحر بينهما قدر ميلين. والماء هنالك ليس بالعميق ويقال لذلك المكان البنتن. وهنالك جزائر صغار يخرج منها لصوص سودان بسهام مسمومة، ومراكب عدوانية يأخذون السلب ولا يأخذون الأشخاص. قال بعض الثقات من المسافرين: كان لنا مركبان في أحدهما البضائع وأنا في الآخر، فسلم الله المركب الذي أنا فيه حتى أبلغني إلى الصين. قال رأيت هنالك رابطة بيضاء فيها (..) من البر فتعجبت من كونه هنالك مع أولئك الكفرة. وإذا خرج المسافرون من البنتن أعطوا البشارة على السلامة. ويلقى المشرف على البنتن جزائر قامرون وفي الكبرى منها مدينة الملك، في شرقي مدينة الجاوه. واسم المدينة قامرون. وقد تقدم نسبهم في جزيرة القمر. وهذه الجزيرة حيث الطول مائة وثمان وخمسون درجة
1 / 17