नवीन और प्राचीन: अध्ययन, आलोचना और विमर्श
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
शैलियों
تلك حالة المغلوب إذا كان رجلا فكيف به وهو امرأة بل بنت «مقطوعة» منبتة، فكم أدى الفشل الحبي إلى ظلمة الديورة، وما الفرق بين فتاة تدفن حبها المقهور في قرنة، وبين مي التي جعلت من بيتها ديرا قبرت حبها في زاويته، وصلت عليه صباح مساء، إن عزلة مي لمفزعة، فقد عادت طفلة في دنيا الحب والهوى إذا اعتبرنا الحب كما سماه برغسون «طفولة جديدة»، وقد انتهت مي في طفولتها الجديدة إلى نسيان «الأنا» فصارت ميولها «غيرية» وعالية، كأنها أدركت أن سفينة آمالها الأنانية قد تحطمت على صخور جزيرة الحب، فكتمت داءها واستعلت على حبها بينها وبين الناس، أما بينها وبين نفسها فظلت متمسكة بذلك الخيط الواهي تجد لذتها في ألمها، وفي الألم لذة لا تخفى على الخبراء.
ولا بدع في أن تلجأ مي إلى دينها في تلك العزلة الموحشة، فالحياة الدينية ينبوع العواطف العذبة والأحلام اللذيذة: طوبى للحزانى فإنهم يعزون.
والعاطفة الدينية تنمو غالبا في تربة الحرمان، وتمتد جذورها حتى الطبقة التي يعيش فيها الكبت، وهي الطبقة القريبة من النار في قلب العالم الأكبر الأصغر «الإنسان».
وكأني أسمعك يا صاحبي «ب. ع» تقول: قتلتنا يا هو ! هات البرهان ودعنا من اللت والمط، فاقرأ إذا يا صاحبي المجهول هذا الكتاب من مي إلى جبران.
15 يناير سنة 1924
مصطفى
ماذا جرى للبريد، لقد كان يصل سابقا في ثلاثة أسابيع أو أقل أحيانا، وها مكتوبك يصل بعد أربعين يوما، ومعه تذكرتا بريد في غلاف خاص تمثلان الوجهين اليونانيين البديعين تناسقا ومعنى، ما أبطأ الرسائل في انتقالها! أتراها تجيء من أقاصي الدنيا، من أميركا، لتصرف كل هذه الأيام في الطريق؟
عيد ميلاد يسوع - يوم رأس السنة - عيد معمودية يسوع وميلاد جبران في يوم واحد، أتتصور كم في هذه المواسم من فراغ ووحشة؟ لا سيما عندما تمر أمامنا وجوه، ثم وجوه إلا ذاك الوجه الذي نشوق إليه، ونسمع أصواتا ثم أصواتا إلا ذلك الصوت الذي نطلبه ونناديه فيلبي منه الصدى «المفترض»، حتى نسيت أن تعايدني يا كثير النسيان! في حين أن بعض أصحابنا يغتنمون هذه «الفرصة» ليهنئوني «كثيرا» أو على الأقل ليتحفوني بزركشة كهذه: يا مي عيدك يوم وأنت عيد الزمان ... إلخ.
لقد كنت يوم 6 يناير بطوله موضوع تفكيري، وكنت ماثلا أمامي بصورة طفل، نونو نونو، تتحرك يداه الصغيرتان في الهواء بإشارة الباحث عن أدوات قدر له أن يحملها ويعالجها، وتيسر لي أن أتفرغ للتفكر والتأمل في المولود النونو؛ لأني كنت مصابة بنزلة طفيفة علمت من رسالتك أنها جاءتني منك «كيف ذلك؟» تستفهم أنت؟ ذلك أنك اجتزت كما تقول، مسافة طويلة ليلا وفي سيارة مكشوفة فكنت معرضا نفسك للبرد، فظهرت نتيجة ذلك البرد في، مفهوم؟ فلتوفر علي في المستقبل جميع صنوف النزلات والوافدات وما شاكلهن، لا تعرض نفسك للبرد واتق كل ما يؤذيك، مفهوم؟ وهل يوافق مصطفى على هذا الاقتراح؟
كأنك تلومني لأني أسألك عن صحتك! وهل يمكن ألا أسأل؟ إنك مدين لي بأن تقول عنها ما قلته في هذه الرسالة، فتسعدني بعد أن كنت تطعنني في الرسائل السابقة كلما قلت إنك مريض، وبدلا من أن أشكرك على هذه البشرى أراني مسوقة إلى العتاب؛ لأن في نفسي لك قسطا وافرا من العتاب على ما يلوح.
अज्ञात पृष्ठ