नवीन और प्राचीन: अध्ययन, आलोचना और विमर्श
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
शैलियों
وقد عجبت لأستاذي وقد كان مديرا في إهدن، كيف يقول دير مار قزحيا، وقزحيا اسم المكان لا القديس، إن هذا القديس اختصاصي بإخراج الشياطين وطردها، وأظنه طرد شيطان شبلي فقال فيه تلك الأبيات الباردة. أظن أن موقف الشاعر من الدير ورئيسه قد كان كموقف بشار من «ربابة ربة البيت» ... احتفى قدس رئيس دير قزحيا بالقايمقام شبلي فقال فيه ما قال ... «فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر».
وقف شاعر الأرز أمام أروع منظر لبناني؛ النهر تحت قدميه، والجبال تحدق به وتحدق إليه بأعين كهوفها، والقمم منتصبة كالجبابرة لتحمي ذلك المعقل الحصين، ومع ذلك لم يقل شاعرنا شيئا، ما شغل باله إلا معجزات «مار قزحيا»، وترميم - المحترم - السر علي للدير ...
وهنا جاءتني كلمة أكره رجعتها خائبة، ألا وهي أن معلمي شاعر بشر أكثر منه شاعر طبيعة، فما ألهمته هذه إلا كلاما عاديا، وإني أعزو ذلك إلى نشأته الأولى، قد درج وشب في زمن كان الشعر فيه يقال في الناس فقط، وما شعره القصصي الذي فاق فيه معاصريه إلا من ذاك، وإن لم يكن هو هو، ولكنه يجيد حين يعرض لوصف مشهد اقتضته القصة أن يصفه، مثل وصف البحر مثلا، في الجمال والكبرياء، والعجيب فيه أنه إذا شرع يقص يخلص شعره من تلك الزنمات التي تتعلق به في أغراضه الأخرى فتشوه محاسنه.
وبكلمة مختصرة وأخيرة أراني مضطرا إلى أن أقول، وآمل أن لا أغضب الملاط كما أغضبت الفياض من قبل: إن شعره أشبه بحقل من الزهور المختلفة، الوردة حد القويسة، والأقحوان حد بخور مريم، وشقائق النعمان بين الأعشاب المختلفة، واللزان بجوار القندول، ولكليهما زهر وعطر وجمال.
إنك لتظفر من كل قصيدة من قصائده الطوال - وهي كثيرة - بما يظفر به المؤمن من الحقل يوم الجمعة العظيمة، فيعود حاملا إلى يسوع، عريس الأحلام والآلام، بإضمامة زهر طريفة، وإكليل شوك إذا شاء.
بارك الله في عمر معلمي، وحسبي رضاه. (2) جعبة الصياد
في جعبة سعيد فريحة سهام ولكنها أخف من ريش النعام، وصاحبها صياد أي صياد، ولست أرى من صوره على جلدة كتابه في تلك الانحناءة العميقة إلا ظالما له، فهو لا يحتاج إلى مثلها إلا في صيد الفيلة والتماسيح، أما ضرباته الأخرى فيرسلها على الهينة ومن تحت إبطه.
لقد سئمنا المقلدين ومومياءاتهم، بل تلك الأحذية الجاهزة، كانوا يقولون فيما مضى: فلان شاعر مطبوع، وهم يريدون أنه يقول الشعر عفو طبعه، إن هذه الكلمة تصح في سعيد الذي يعترف أن الأستاذ كنيدر، صاحب جريدة التقدم الحلبية، هو من علمه كتابة التاء وغيرها، فغير قليل أن تؤدي تلك البداية إلى هذه النهاية، ويصير سعيد فريحة كاتبا نسيج وحده؛ أي صاحب أسلوب هين لين، يفهمه العامي ويرضى عنه الفصيح المتنطع، قد يكون سعيد كشمشون الذي لم يمر على رأسه موسى؛ أي لم يعل رأسه سقف مدرسة ولا غصن سنديانة، ومع ذلك فاق الكثيرين ممن تتلمذوا للأئمة، وقتلوا الكتب الصفراء درسا حتى اصفرت وجوههم فوجوه قرائهم.
أقول هذا بعد مطالعتي لكتابه «جعبة الصياد»، التي أخرجتها دار المعارف المصرية مطرزة مدبجة، كتلك الجعاب التي كانت تنسجها عذارى لبنان لمن تيمهن من الشباب السمر وفتنهن كما فتن قلم سعيد قراءه، إن قلم سعيد لا يؤلم ولو نفذ إلى الصميم، وضربته الخاطفة لا توجع لأنه لا يثني، وكل من يذوقون طعمها لا يستثقلون تلك اليد التي تسددها.
أطلت جعبة الصياد على ديوان الأدب وعليها تعويذتان، وفي تعبيرنا اللبناني خرزتا عين.
अज्ञात पृष्ठ