Journal of Islamic Research
مجلة البحوث الإسلامية
शैलियों
هذا، ولا ينبغي أن يفهم بحال من الأحوال، أن قولنا عن الإسلام: إنه أرقى الأديان السماوية وأسماها، وأكملها وأوفاها، وأن تشريعاته وتوجيهاته قد بلغت القمة التي لم تبلغها شريعة من قبل، فيه انتقاص لغيره من الشرائع السماوية، معاذ الله أن يكون ذلك قصدنا، فليس مؤمنا ولا مسلما من ينتقص شريعة سماوية أنزلها الله على رسول من رسله، الله تعالى: يخاطب أمة محمد ﷺ بقوله:
﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (١). ويقول مثنيا على رسوله محمد ﷺ وعلى من اتبعه من المؤمنين:
﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ (٢).
والذي يجب أن يفهم: هو أن كل شريعة من الشرائع السماوية تعتبر في وقتها - بالنسبة لأتباعها - في منتهى الكمال؛ لأنه لا يصدر عن الله تعالى إلا الكمال المطلق، ولأن كل شريعة - كما قلنا - جاءت مطابقة لحاجات المخاطبين بها، ولو أنها انحطت عن مستواها، لعد ذلك قصورا فيها، لأنها تكون دون الحاجة، كما أنها لو ارتفعت إلى مستوى شريعة تجيء بعدها لعد ذلك مجافيا للحكمة والصواب، لأنها تكون فوق الحاجة، والحكمة كل الحكمة هو الملاءمة بين احتياجات كل أمة وما يشرع لها، كما يلائم الطبيب الماهر بين علة المريض وما يصف له من دواء.
* * *
(١) سورة البقرة الآية ١٣٦ (٢) سورة البقرة الآية ٢٨٥
موقف البشر من الديانات ومدى تمسكهم بها
وبعد فما هو موقف البشر من الديانات، وما مبلغ تمسكهم بها؟
هل استجابت كل أمة لرسولها؟
وهل وقف أتباع كل دين عند حدوده والتزموا بتعاليمه التي دعا إليها، وتشريعاته التي نص عليها؟
أو أنهم ارتكسوا في حمأة الغي والضلال، ونكصوا على أعقابهم عائدين إلى نزعات أهوائهم ونزوات شهواتهم؟
الواقع: أن البشر أمام هذه الديانات فرق شتى:
ففريق لزم الجادة
فاتخذ دينه الذي هداه الله إليه سبيله في الحياة، لا يحيد عنه ولا يميل، فسعد وشق طريقه إلى ما فيه خير الدنيا وسعادة الآخرة.
1 / 60