जॉन लॉक: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
جون لوك: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
بعد مرور ما يقرب من سبعة عشر قرنا، لا يمكن أن يتوقع الإنسان ممارسة هذا النهج نفسه من الإجبار المباشر لتصديق أن الحواريين استمتعوا بحياتهم، بما أن الوحي الإلهي التقليدي يعتمد على الاستدلال التاريخي وليس على التجربة المباشرة (مقال في الفهم البشري). لكن إذا فكر الإنسان في الأدلة وفتح قلبه، فإنه لن يحرم من الإيمان. والإيمان بأن يسوع هو المسيح المنتظر، بالإضافة إلى بذل جهد حقيقي للإذعان لناموسه، كافيان لخلاصه؛ فالإيمان ضرب من الثقة، وهو أمر لا يناقض العقل ولكنه يفوقه؛ فهو يتطلب مجهودا (وهذا ما يمكن أن يجعل الخيانة إثما)، لكنه يتيح حقا لكل إنسان الفرصة كي يحيا حياة صالحة.
وهذا ليس نتيجة ملهمة لرحلة بحث فلسفية استمرت على مدى ثلاثة عقود ونصف، وليس ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأن لوك نفسه قد أعارها الحماس الكافي، وغالبا ما كان ليسر بتأييده لها منذ البداية؛ علاوة على ذلك ، فقد كان لهذه النتيجة عدد من الآثار المفجعة؛ فقد كانت تعني على سبيل المثال أنه ليس بمقدور الإنسان - وفقا لمعيار لوك، ونظرا لحدود قدراته الطبيعية - أن يعرف كيف يعيش، كما أنه ليس لديه الفرصة ليعرف ذلك. ولعل الدينونة والإيمان كافيان للخلاص، لكن ما يقدمانه لا يعد شكلا من أشكال المعرفة؛ علاوة على ذلك، كان من الصعب - وفقا لهذا الرأي - المواءمة بين مصير كل هؤلاء البشر، الذين لم يكونوا محظوظين بالدرجة الكافية لأن يستقبلوا بشرى الوحي المسيحي السارة، وبين مفهوم لوك عن منزلة الإنسان في الطبيعة وفهمه لقدرة الله وإحسانه.
شكل : الرجوع إلى الإيمان، بأن يسوع هو المسيح المنتظر. ليست هذه بالطبع قناعة جديدة بالنسبة إلى لوك، وإنما قفزة جديدة تماما على قناعته.
لكن مع أن هذه النتيجة كانت محبطة حتما للوك نفسه، فإنها تلقي الضوء بالفعل على عدد من القيود المهمة على مخيلته؛ فالدينونة والإيمان معا يمكن أن يمنحا الإنسان السبب الكافي كي يعيش بالطريقة التي افترض لوك أنه يتعين على الإنسان العيش وفقا لها. وفي الحالة الأخيرة، كانت ضرورة وجود سبب كاف لدى الإنسان للعيش بهذه الطريقة أهم، من وجهة نظره، من ضرورة أن تكون لديه القدرة على معرفة كيفية العيش؛ وعليه يتضح عمليا أن المعرفة الحقيقية بالأخلاق أمر بعيد المنال عن الإنسان بقدر ما هو بعيد عنه علم الطبيعة الحقيقي. وما يحل محل المعرفة الحقيقية في حياة الإنسان الواقعية، كما تصورها لوك، هو مزيج من الدينونة والثقة في الإحسان الإلهي. وكان تصوره عن قدرات الإنسان على معرفة الطبيعة - باعتبارها قدرات فطرية متواضعة - عكس تصوره عن قدرة الله على معرفة الطبيعة. وإزاء هذه القدرات الفطرية المتواضعة، يبدو الشك الارتيابي مصطنعا وسخيفا؛ لأنه على عكس هذه القدرات، لا يمكنه أن يلعب دورا في تلبية المطالب العملية للحياة اليومية، وبطريقة ما (وهنا انشغال لوك العميق بفلسفة ديكارت منحه شيئا من البصيرة الحقيقية) تأتي قوة الشك في المقام الأول من تناقض ضمني بين قدرات الإنسان الأكثر تواضعا، على نحو ملموس، على فهم الطبيعة، وبين نوع من الفهم - الواضح والمميز والنهائي والأكيد - الذي ربما ينسبه الإنسان حقا إلى الله، لكن لا يمكنه قطعا الوصول إليه بنفسه. بعبارة أخرى، ينبثق الشك - من وجهة نظر لوك - عن دعوة متعجرفة بأن الإنسان ينبغي أن يكون قادرا على فهم الطبيعة بنفس الوضوح الذي يفهم به الله.
مع تذبذب الثقة في وجود الله، ستبدو حتما كل من المعرفة الفطرية والأخلاق مختلفتين للغاية عن الطريقة التي رآهما بها لوك؛ ومن الأكيد أن رسم ملامح الشك وحدوده في عالم لا يؤمن بوجود الله كان أصعب بكثير (وهذا ما ثبت بالفعل).
خاتمة
في يناير 1698، لخص لوك في خطاب إلى صديقه ويليام مولينيو قناعات حياته كلها، كما يلي:
إن كان بمقدوري أن أشبه العلاقة بين المناقشات والحجج وفهمها بالعلاقة بين أنواع الطعام المتعددة والأذواق والرغبات المختلفة - بحيث إن ما يراه البعض كريها وضارا يراه البعض الآخر لذيذا ونافعا - فلا بد ألا أفكر في الكتب والبحث مرة ثانية، وحري بي أن أفكر في قضاء وقتي في لعبة مثل لعبة القبعة والدبابيس بدلا من القراءة أو الكتابة. لكني على قناعة بالعكس؛ بأنني أعلم بوجود حقيقة عكس الزيف، وهي أمر ربما يمكن للإنسان الوصول إليه إذا أراد، وأمر يستحق بالفعل أن يسعى في طلبه، وهي ليست أثمن شيء في العالم فحسب، وإنما هي أيضا أكثر الأشياء بهجة (مراسلات جون لوك).
إن فكرة أن الوصول إلى الحقيقة أمر لا علاقة له برغبات الإنسان وأذواقه، وأن جزءا منه على الأقل في متناول فهم الإنسان؛ قناعة بسيطة ومنتشرة، بيد أنها ليست بالقناعة التي من السهل تفسيرها وتبريرها بأي قدر من العمق. ويرى لوك أن مهمة الفيلسوف أن يقدم مثل هذا التفسير والحجة، وكثيرون من الفلاسفة المحدثين يساورهم الشك فيما إذا كان من الممكن بناء أي من هذه الحجج أم لا. وحتى بين الذين يؤمنون بإمكانية ذلك، قليلون هم من يرون أن محاولة لوك أحرزت نجاحا استثنائيا.
شكل : لوك في السنة الأخيرة من حياته: رجل طاعن في السن، ومعتل الصحة، وذائع الصيت للغاية.
अज्ञात पृष्ठ