عند هذا صمتت قليلا فسمعت أسنانها تصطك وأبصرت يدها تضطرب، ثم أردفت قائلة: «أنت تعلم الآن ماذا كنت فحاكمني يا أبت!» فرفعت عيني إلى السماء وبسطت ذراعي فوق رأسها وباركتها بقلبي مصغيا إلى ذنوبها، وعندما انتهت قلت لها بعض كلمات تخللتها الدموع وراودتها الزفرات وقبل أن أسكب البراءة في نفسها قلت: «أنادمة أنت على جميع ذنوبك يا سيدتي؟» فأجابت «نعم! إني نادمة على كل ما يوبخ ضميري ويثقل على قلبي، نادمة على أيامي المتلفة، على حياتي الدنسة، نادمة لأني أشعلت زفراتي في قلوب نجسة بعد أن أشعلها الله في قلبين، أجل إني أندم على كل ذلك ولكن لن أندم على أني أحببته! فإذا كان حبي مذنبا أمام الله فليعذبني انتقامه في اللانهاية! لا أقدر أن أنزع نفسي من ذلك القلب حتى في آخر دقيقة من دقائق حياتي! فرسمه الجميل منطبع في عيني المائتتين! آه لو كان هنا الآن، لو أراد الله أن يعيده إلي! لو نظر إلي من خلال الموت وسمعت صوته العذب لشعرت بالحياة راجعة إلي؛ لأن نغمات صوته تسكن آلامي حتى على حافة القبر!»
فصرخت قائلا: «لورانس! لورانس!» فنهضت لتتبين وجهي ولما وقع نظرها على نظري، قالت: «رب! هذا هو!» - نعم يا لورانس، هذا أنا بعيني، أنا صديقك القديم، أنا أخوك حيا بالقرب منك! لقد أرسلني الله لكي أعطيك يدي وأمهد لك طريق النجاة! لقد جئت أغسل ذنوبك بدموعي! فخطاياك يا ابنتي ليست إلا تعاستك، أما أنا الذي ألقيت الاضطرابات في حياتك، أليست ذنوبك ذنوبي أنا؟ أجل، إني أحملها على كاهلي وأكفر عنها بآلامي! تقبلي يا لورانس من قلبي ذلك الغفران الذي لن يعطى إلى أحد! تقبلي من هذه اليد، التي خطفها الله نفسه من يدك، إكليلك الناضج قبل أوانه وحياة الخلود! لورانس، إني أحلك من خطاياك، باسم الآب!
وبينما كنت أكمل إشارة الصليب شعرت بيدها تضغط على يدي وتقربها إلى فمها بلهفة وشوق وقبل أن أنتهي كانت روحها قد فاضت مع تلك القبلة الأخيرة!
بقيت يدي طيلة الليلة في يدها الباردة الصفراء إلى أن برز الفجر فجاءت نساء المزرعة لتواريها التراب ...
عن مزرعة ملتافيرن 24 تشرين سنة 1802
عندما فتحت وصيتها وجدت أنها تضع بين يدي كل ما تملك، ثم إنها تتوسل أن يدفن جسدها في قبر والدها وأن يتعهد دفنه كاهن واحد في ظلمة الليل! •••
آه يا لورانس! أنا هو الكاهن الذي سيرقدك في سريرك الأبدي! إني أتقبل هذا الجسد ولكني أرجع المال، فما أنتسب إليك وتنتسبين إلي إلا في السماء!
في 26 تشرين الثاني سنة 1702 عن مغارة النسور
رب! أطلق سبيل خادمك! فقد شرب قارورة الحزن، وقطع طريق الآلام!
في 27 تشرين الثاني
अज्ञात पृष्ठ