जिनुसाइड: भूमि, जाति, और इतिहास
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
शैलियों
فينتشي ويتكبر ويتكلم بعلو صوته.
ومن يبلغ فترة الضعف يصيبه الهوان ويشعر بأنه يبقى ضعيفا أبد العمر، ويصل إلى مرحلة اليأس كما حصل للناس في زمن التتار؛ إذ يذكر أن جنديا من التتار أراد أن يقتل رجلا في بغداد، وما كان يحمل سلاحه معه، فقال: انتظرني هنا، سآتي بسلاحي وأعود، فبقي ولم يحرك ساكنا حتى عاد وقتله!
دهش الطلاب من كلامه وسألوه مستغربين: كيف يمكن ذلك كيف؟! كان بإمكانه الهرب على الأقل! - لا تلوموه، فلو كنتم مكانه لربما فعلتم ما فعل، الهوان والخوف من التتار كان قد بلغ في نفوس الناس مبلغه، وظنوا أن هؤلاء لا يهزمون ولا يمكن لأحد أن ينتصر عليهم! وهذه المرحلة من أخطر المراحل التي تصل إليها أية أمة بأن تفقد الثقة بنفسها ويصيبها الخور، وهذا ما يريده أعداؤنا لنا ويحاولون في كل مرة هز ثقة الناس بما يستقوون به، ولعل فشل الثورة الكبرى قبل سنوات قليلة مثال قريب عشناه ورأينا ما خلفته من هوان وخيبة لدى البعض .
الفصل الثالث
ميونخ - ألمانيا 1938م
دفعت ريح قوية وباردة باب النافذة المطلة على الرواق من الطابق الثالث للمبنى، فأصدر صوت تحطم زجاج مع تطاير الستائر البيضاء الشفافة. هرع مايكل ليتأكد ما الذي انكسر، فإذا المرآة التي على الحائط المقابل للنافذة قد سقطت، فصاحت الأم: ما الذي انكسر؟ - المرآة. - ألم أقل لك قم بإصلاح القفل منذ البارحة؟! لماذا لا تسمع الكلام يا بني؟ - لقد أوصيت ديفيد بأن يشتري قفلا جديدا؛ لأن هذا القفل لا يمكن إصلاحه.
وضع مايكل قطعة خشب صغيرة على باب النافذة وأحكم غلقها بالمطرقة لكيلا ينفتح مرة أخرى لحين مجيء ديفيد، ثم أقبلت أخته الصغيرة «سارة» ذات العشرة أعوام لتلملم الزجاج من الأرض.
كانت ليلة هادئة لا يشجب هدوءها سوى صوت صرير الرياح الشمالية التي تحاول التسلل إلى البيوت بأي وسيلة كانت .. خطر في ذهن مايكل وهو متكئ على الأريكة يراقب سارة وهي تحمل القطع الزجاجية المتناثرة بحذر وتضعها على سلة القمامة، شؤم انكسار المرايا في البيت؛ ففي الأعراف اليهودية تحطم المرآة ليس بالعلامة الإيجابية، إنها تدل على حدوث مكروه ما، وحتى في الأعراف الرومانية القديمة كانت له دلالات سيئة؛ إذ اعتقدوا «أن المرآة تحوي وتعكس روح صاحبها، وكسرها دليل على فنائه وموته»، وذهبت الأسطورة الرومانية إلى أنها تجلب سبع سنوات من الحظ السيئ؛ لأن الروح بعد موت صاحبها تحتاج إلى سبع سنوات حتى تتشكل من جديد.
هز مايكل رأسه محاولا إزاحة هذه الأفكار المشئومة عن ذهنه وعاد ليقرأ الجريدة على مهل، كانت إحدى المقالات تتحدث عن التحريض ضد اليهود، قرأ الأسطر الأولى فأصابه الضجر فطوى الجريدة وهو يقول: كالعادة مقالات فارغة، مشحونة بالكراهية.
وضع الجريدة على الطاولة الخشبية قربه، ثم نظر إلى الساعة المعلقة على الحائط، كانت العقارب متراكبة فوق بعضها وهي تشير إلى السابعة وثمان وثلاثين دقيقة. قال في نفسه: لقد تأخر ديفيد على غير عادته!
अज्ञात पृष्ठ