وكأن مولي قد نادته صائحة: لقد آن أن تنهض وترتدي ثيابك لكي لا تتأخر على موعدك بالمكتب.
فاعتدل قائما وقال لها: شكرا لك يا عزيزتي.
وأحس ألما حادا بركبته اليمنى، وبصنوف أخرى من الألم في ظهره، وذراعيه، وجبهته. - انتباه!
أخذ الصوت يردد هذه الكلمة دون أدنى اختلاف في النغم. فاتكأ فارنبي على أحد مرفقيه، وتلفت حواليه، ولشد ما كانت حيرته عندما لم تقع عينه على الحائط المكسو بالورق الرمادي، وعلى السجف الصفراء التي تغطي غرفة نومه في لندن، وإنما وقعت على أرض فضاء وسط الأشجار، وعلى الظلال المستطيلة والأضواء المائلة التي تظهر في الغابة في الصباح الباكر. - انتباه!
لماذا قالت: انتباه؟
ولكن الصوت أخذ يردد القول: انتباه، انتباه! بشكل يدعو إلى العجب ويخلو من المعنى!
وتساءل: مولي؟ مولي؟
وكأن هذا الاسم قد فتح في داخل رأسه نافذة. وفجأة وبذلك الشعور الرهيب بالذنب الذي يحسه المرء في أعماقه شم رائحة «الفورمالدهايد»، ووقعت عينه على تلك الممرضة النحيلة خفيفة الحركة وهي تخب في السير أمامه على طول الدهليز الأخضر، وطرقت أذنه خشخشة ردائها المنشى، وكانت تكرر قولها: رقم 55. ثم توقفت، وفتحت بابا أبيض اللون، فولجه، ورأى مولي فوق سرير مرتفع أبيض، مولي بالضمائد تغطي نصف وجهها، فاغرة فاها.
وناداها: مولي، مولي ...
وتهدج صوته، وأخذ يبكي ، ويناشدها: حبيبتي! وليس من مجيب. ومن فمها المفتوح صعدت زفرات خافتة متلاحقة بغير معنى، وهو يكرر النداء: حبيبتي، حبيبتي ...
अज्ञात पृष्ठ