بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، والحمد لله الذي لم يخل الأمة ممن يؤدي إليهم الأمانة من أهل بيت نبيه المختار، ولم يهمل العباد عمن يرفع درجات أولي العلم الذين رفع الله درجاتهم في الدنيا ودار القرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تقي شاهدها من النار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله دعا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى أضاء الحق وأنار، وأشهد أن علي بن أبي طالب أفضل الخلق بعد رسول الله محمد جعل الله محبته سيماء وجوه الأبرار وبغضه وسمة خراطيم الفجار، وأشهد أن عترته سفينة نوح المنجية لركابها فلا تزال منهم حجة قائمة عن الخلق إلى انقضاء الأعمار، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ولا يهنون في أمر الله، ولا يستكينون عن جهاد أعدء الله، ولا يضعفون عن تبليغ [10/ب] حجة الله، ولا يتفرقون في دين الله وإن تناءت الأقطار وشسعت الديار -صلى الله على محمد وعلى آل محمد وسلم- ما اقترن الحجتان واختلف القمران واعتقب الليل والنهار، وأهدى الله من سلامه طيبه الكثير، ومن إكرامه صيبه الغزير، ومن جوده أحلاه وأسناه، ومن بره أتمه وأهناه، ومن رحمته أعلاها مقاما، ومن بركاته أوفاها ذماما لمن كانت من أفق بيت النبوة طلعته، ومن مغرس روض الوصاية نبعته، وفي خطة ذرية النبي الأمي نسبته، أخينا نسبا وصنونا حسبا الشاه الأكبر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، الناشر لمناقب الآل الطاهرين التي يحق لها أن تنشر: عباس بن إسماعيل الحسيني فتح الله أبواب منه ويسره، ومنحه من فضله أسباب خيره وبره، وقسم له أوفر حظ في إنفاذ نهيه وأمره، وأعلى به درجات أولي العلم الموكلين بحفظ ذكره، ولا برح للعترة الطاهرين حساما قاضبا يقوم بتأييد مذهبهم الشريف ونصره، فإنها لما تزل ترفع إلينا من أخبار ناديه الشريف ما يعطر المجالس وينهى لنا عنه من الأنباء الصالحات ما تنفق على الإطلاع عليه ضنائن النفائس، فلم نبرح نرجوا أن يصل الله سبحانه منا ومنه أسباب التعاون على أداء حق الله وحق رسوله كما وصل بيننا وبينه أسباب النسبة النبوية التي أعطى الله بها نبيه غاية سؤله إذ كان إلى(1) الحسنين صلوات الله وسلامه عليهما ثمرة شجرة واحدة في الفردوس، كما صرح به الحديث النبوي:منبتهما وأغصان دوحة لا تفترق إذ في قرارة النبوة والوصاية مغرسها ومنبتها إلى أن اتصل بنا السيد النجيب الطيب الحسيب السيد محمد بن تاج الدين الطوسي أسعده وأرشده، ووفقه وسدد، فشفى الأفئدة بتحقيق تلك الحقائق، وأقر الأعين وشرح الصدور، إذ أبان لنا أن جادنا وإياكم في جميع الطرائق وشرح لنا من صفاتكم السامية وسماتكم الصافية كل حسن فائق، ونشر أعطاف الثناء على ما خصكم الله تعالى به من سيمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعظيم لمن عظم الله شأنه من العلماء العاملين، المتمسكين بالشرع المهتدين [11/أ] بهدي الأئمة الصادقين من آل النبي الموعود بالمقام المحمود المخصوص باللواء المعقود في المحشر والمنشر، والرجوع إليهم في الدين وحفظ الشريعة والفزع إليهم عند تلاطم أمواج الإختلاف إذ كانوا للنجاة سفينة وإلى الحق ذريعة، وأنكم مذ بلغ إليكم ما نحن عليه في هذه الديار اليمنية من الدعاء إلى الله وإلى سبيله، والنداء في عباد الله بتولي ما أوجب الله توليه من كتابه وعترة رسوله، وقع سرور ذلك منكم موقع ما بلغنا عنكم، وكان من فضل الله علينا وعليكم من الفتح المبين، والنصرة على أحزاب الشياطين ما لم يؤمل إلا في عوائد الله لأوليائه، وقوارع بطشه الشديدة لأعدائهم وأعدائه، فلم يتوجه الأعلام النبوية منا ومنكم جهة إلا فتحها ولا أمت الجيوش العلوية(2) ظاهرا من الظالمين إلا ولاها أكنافها ومنحها، فكأن القلوب والحمد لله كانت متواعدة على أمر من الخير فاتفقت، وكأن الألسن والمنة لله كانت مترصدة لإعلان كلمة الله تعالى فما اختلفت ولا افترقت، فزاد ذلك نعمة الله وفضله علينا وعلى أهل الإسلام، وشكرنا الله إذ جعلنا أهل البيت في كل زمان ومكان ظاهرين على كل آفك ظلام، وعلمنا أن ذلك آية للحديث الصادق عن سيد الخلائق بوساطة وصيه الذي هو مع الحق وبه ناطق خذوها عني عن خاتم النبيين حجة من ذي حجة قالها في حجة الوداع: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض))(1).
وصدق ذلك بعده -صلى الله عليه وآله وسلم- ما كان في ذريته(2) وخزنة علمه وحفظته من أن قاعدهم لقائمهم، وقائمهم لقاعدهم كما جاء عن أكابرهم، وكما جاء من جعفر الصادق -صلوت الله عليه- في أمر عمه زيد بن علي وابنه يحيى وابني عمه محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن صلوات الله على أرواحهم أجمعين، فإنه لم يدع نصرتهم ولا رخص في متابعتهم حتى قال الصادق ليحيى بن زيد -عليهم السلام-: قل لعمي زيد يا عم حفظك الله، يا عم نصرك الله، وكتب جعفر إلى زيد -صلوات الله عليهما- أما بعد:
فقد بلغني أنك تريد الخروج على هذه الطاغية فإن [11/ب] القربة إلى الله مجانبة أهل الفساد، وإظهار الحق للعباد، فإذا عزمت على ذلك فإت مسجد السهلة في رقبة من الناس، فصل فيه ركعتبن أو أربعا تدعو فيها بدعاء آبائك وتجتهد في دعائك إلى ربك تعان على أمرك وتهدى لرشدك، وقد أخبرني أبي أن فيه حجر أخضر من جبل مقدس فيه صورة النبيين وهو ظاهر عند خروج المهدي وأن بنا أهل البيت إليك خاصة لأنك لا تخلف فيهم مثلك وما من الجهاد عوض والسلام.
पृष्ठ 26