بن هشام فقال، وهم على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان لكم فيه ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لك نار تحرقون فيها. قال: وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: " نعم، أنا أقول ذلك، أنت أحدهم ". وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه، فلا يرونه.
فجعل ينثو (١) ذلك التراب على رؤوسهم، وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس: (يس، والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين). إلى قوله تعالى: ﴿وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون﴾ (2). حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا. ثم انصرف إلى حيث أراد. فأتاهم آت ممن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون ها هنا؟ قالوا: محمد. قال:
خيبكم الله، قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته. أفما ترون ما بكم؟ قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب. ثم جعلوا يطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائما، عليه برده. قال: فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا. فقام علي عن الفراش. فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي كان حدثنا. وكان مما انزل الله تعالى من القرآن في ذلك اليوم، وما
पृष्ठ 12