जवहर इंसानिया
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
शैलियों
26
ويذهب البعض إلى أبعد من هذا ويقولون إن السيمفونية التاسعة لبيتهوفن هي استحضار للأصوات التي تصدرها مجموعة من البابون.
27
استخدم قاطنو الكهوف في العصر الحجري الحديث الحجارة والفحم لتصوير مشاهد عديدة على الجدران. ويذكر الوضوح الذي رسمت به حيوانات مثل البيسون والماموث ووحيد القرن والحصان في كهف شوفيه في فالون بون دارك بالقرب من إقليم الأرديش في جنوب فرنسا منذ 30 ألف سنة،
28
اختصاصي علم النفس نيكولاس همفري بالرسوم التي يرسمها بعض من الأطفال المصابين بالتأخر العقلي الشديد. لم يكن باستطاعة طفلة تبلغ من العمر 6 أعوام مصابة بالتوحد تدعى نادية الكلام جيدا، لكن كان رسمها للحيوانات نابضا بالحياة وواضحا على نحو مذهل. ويتساءل همفري عما إذا كان الفنانون في شوفيه افتقروا للقدرة اللغوية مثل نادية، ويقترح أن غياب الوصلات العصبية المسئولة عن اللغة ربما «يحرر» إلى حد ما المهارات التصويرية.
29
ربما يبدو هذا مناقضا لما جاء في تعليق برندل، لكن الفضول العقلي يختلف عن الكفاءة اللغوية. والسبب في ذكر أفكار همفري هو أنها تلمح إلى أنه منذ 30 ألف سنة لم يكن لدى سكان شوفيه - الذين كانوا ينتمون إلى فئة الإنسان الحديث وليس إنسان نياندرتال - بعد نظام كلام مكتمل. صحيح أن الفن الذي جاء فيما بعد، مثل الذي ظهر في مصر القديمة أو أوروبا في العصور الوسطى، كان خشبيا مقارنة برسوم العصر الحجري، لكن مع ذلك علينا توخي الحذر، تماما مثلما يفعل همفري نفسه، عند محاولة تأريخ ظهور اللغة باختفاء المهارات التصويرية؛ هذا لأن رسوم الكهوف، التي أصبحت آنذاك ترسم بالصبغات الطبيعية، في أماكن مثل ألتميرا بالقرب من سانتاندير في شمال شرق إسبانيا وفي لاسكو في منطقة دوردونيي في جنوب غرب فرنسا، ما زالت نابضة بالحياة، رغم أنها تبلغ من العمر من 15 ألفا حتى 17 ألفا فقط، وهو وقت كان التواصل اللفظي واسع النطاق فيه بالتأكيد. لا يقتصر فن الكهوف على أوروبا فحسب؛ فقد رأيت رسوما نابضة بالحياة لحيوانات في سلاسل الجبال المرتفعة في كاليفورنيا (ولا بد أن عمرها أقل من 12 ألف سنة). ويشهد اكتشاف مثل هذه الرسوم في العالم الجديد مثل اكتشافها في العالم القديم على نشأة الفن بوصفه واحدا من أكثر الطرق البدائية لتعبير الإنسان عن نفسه.
لماذا فعل هذا؟ ربما ظن الإنسان القديم أن هذا يخيف المفترسات ويبعدها، أو يخيف الأعضاء المغيرين من نفس نوعه. وربما فعل هذا لأنه أقر بالفعل الاعتقاد في أرواح مجهولة كان يحملها مسئولية الأحداث الغريبة، مثل الزلازل أو الفيضانات، والتي كان يريد إرضاءها. يوجد أيضا عنصر السحر أو الخرافة في هذه الصور، التي ضمت موضوعات رمزية ورسوما تصويرية أيضا. كان الفن القديم ثلاثي الأبعاد؛ فلم تكن معظم جدران الكهوف مسطحة، فتتداخل الرسوم مع الانحناءات؛ مما يشير إلى وجود تكامل بين الطبيعة والفن، حتى إن بعض الأشياء الموجودة في الطبيعة، مثل الحجارة والعظام وحتى الفئوس الحجرية، كانت تشكل أيضا لأسباب أخرى غير المنفعة.
30
अज्ञात पृष्ठ