مائل منحرف انتهى وقد تقدم في البقرة وقوله تعالى يسألونك ماذا أحل لهم سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بقتل الكلاب سأله عاصم ابن عدي وغيره ماذا يحل لنا من هذه الكلاب قال ع وظاهر الآية أن سائلا سأل عما يحل للناس من المطاعم لأن قوله تعالى قل أحل لكم من الطيبات ليس بجواب عما يحل للناس اتخاذه من الكلاب إلا أن يكون من باب إجابة السائل بأكثر مما سأل عنه وهو موجود كثيرا من النبي صلى الله عليه وسلم والطيب الحلال وقوله سبحانه وما علمتم أي وصيد ما علمتم قال الضحاك وغيره وما علمتم من الجوارح مكلبين هي الكلاب خاصة قال العراقي في مكلبين أصحاب اكلب لها معلمين انتهى وأعلى مراتب التعليم أن يشلى الحيوان فينشلي ويدعى فيجيب ويزجر بعد ظفره بالصيد فينزجر وجوارح جمع جارح أي كاسب يقال جرح فلان واجترح إذا اكتسب ومنه قوله تعالى ويعلم ما جرحتم بالنهار أي ما كسبتم من حسنة وسيئة قال ع وقرا جمهور الناس وما علمتم بفتح العين واللام وقرأ ابن عباس ومحمد بن الحنفية علمتم بضم العين وكسر اللام أي من أمر الجوارح والصيد بها وقرأ جمهور الناس مكلبين بفتح الكاف وشد اللام والمكلب معلم الكلاب ومضريها ويقال لمن يعلم غير كلب مكلب لأنه يرد ذلك الحيوان كالكلب وقوله سبحانه تعلمونهن مما علمكم الله أي تعلمونهن الحيلة في الاصطياد والتأتي لتحصيل الحيوان وهذا جزء مما علمه الله الإنسان فمن للتبعيض وقوله تعالى فكلوا مما امسكن عليكم ويحتمل مما امسكن فلم يأكلن منه شيئا ويحتمل مما أمسكن وإن أكلن منه وبحسب هذا الاحتمال اختلف العلماء في جواز أكل الصيد إذا أكل منه الجارح وقوله سبحانه واذكروا اسم الله عليه أمر بالتسمية عند الإرسال وذهب مالك وجمهور العلماء أن التسمية واجبة مع الذكر ساقطة مع النسيان فمن تركها عامدا فقد أفسد الذبيحة والصيد ومن تركها ناسيا سمي عند الأكل وكانت الذبيحة جائزة وفقه الصيد والذبح في معنى التسمية واحد ثم أمر سبحانه بالتقوى على الجملة والإشارة إلى ما تضمنته هذه الآيات من الأوامر والنواهي وفي قوله إن الله سريع الحساب وعيد وتحذير وقوله سبحانه اليوم أحل لكم الطيبات إشارة إلى الزمن والأوان والخطاب للمؤمنين وقوله سبحانه وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم الطعام في هذه الآية الذبائح كذا قال أهل التفسير واختلفوا في لفظة طعام فقال الجمهور هي الذبيحة كلها وقالت جماعة إنما أحل لنا طعامهم من الذبيحة أي الحلال لهم منها لا مالا يحل لهم كالطريف والشحوم المحضة واختلف في لفظة أوتوا الكتاب فقالت طائفة إنما أحل لنا ذبائح الصرحاء منهم لا من كان دخيلا في هذين الدينين وقال جمهور الأمة ابن عباس والحسن ومالك وغيرهم أن ذبيحة كل نصراني حلال كان من بني تغلب أو غيرهم وكذلك اليهود وتأولوا قول الله تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم وقوله سبحانه وطعامكم حل لهم أي ذبائحكم فهذه رخصة للمسلمين لا لأهل الكتاب لما كان الأمر يقتضي أن شيئا قد تشرعنا فيه بالتذكية ينبغي لنا أن نحميه منهم رخص الله تعالى لنا في ذلك دفعا للمشقة بحسب التجاوز وقوله سبحانه والمحصنات عطف على الطعام المحلل ذهب جماعة منهم مالك إلى أن المحصنات في هذه الآية الحرائر فمنعوا نكاح الأمة الكتابية وذهب جماعة إلى انهن العفائف فأجازوا نكاح الأمة الكتابية والأجور في الآية المهور وانتزع بعض العلماء من لفظ ءاتيتموهن أنه لا ينبغي أن يدخل زوج بزوجته إلا بعد أن يبذل من المهر ما يستحلها به ومحصنين معناه متزوجين على السنة وقوله
पृष्ठ 445