رحمهما اللَّه: إنه لم يأت في خبر قط إدراك ميمون للمغيرة، وإنما أخذه ابن الصلاح من كون مسلم روى له في المقدمة عن المغيرة حديثًا استشهادًا، وقال فيه: إنه حديث مشهور.
قلت: وقد قال البزّار عقب تخريجه: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن النبي ﷺ إلا من هذا الوجه، ويُروى عن عائشة من غير هذا الوجه موقوفًا، يشير إلى ما رواه أبو أُسامة عن أُسامة بن زيد، عن عمر بن مِخْراق، عن عائشة لكن قد أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق"، و"الجامع"، كلاهما له، والبيهقي في "الشعب"، والطبراني، كلهم من طريق أحمد بن أسد البجلي الكوفي، والبيهقي، والطبراني أيضًا، من طريق محمد بن عمار الموصلي، والبيهقي وحده من طريق مسروق بن المرْزُبان، ثلاثتهم عن يحيى بن يمان، عن سفيان الثوري، عن أُسامة، به مرفوعًا، وأخرجه البيهقي في "الأدب" من طريق الطبراني من جهة الثلاثة المذكورين، وقال الطبراني: لم يروه عن سفيان إلا ابن يمان.
وكذا أخرجه الدارقطني في "العلل" عن أبي سعيد العدوي، عن أبي همام الخارَكي -هو الصلت بن محمد- عن يحيى، لكنه صوَّب الموقوف.
وقد قال الإمام أحمد: إن رواية عمر عن عائشة مرسلة، وكذا قال البيهقي في "الشُّعَب"، وقال البخاري: عُمر (١) بن مِخْراق عن رجل، عن عائشة: مُرسَل، روى عنه أُسامة، وكذا ذكره ابن حبَّان له في أتباع التابعين من "ثقاته"، يدلّ على أنه لم يسمع من الصحابة ﵃. وحينئذٍ، فهذه الرواية أيضًا مرسلة، والصحيح عن يحيى ما نقدم.
قال البيهقي في "الأدب": وكان يحيى رواه على الوجهين جميعًا، قال: وقوله: فأقعدته معها، إن صح، يريد به خارج الحجاب. انتهى.
[وبالجملة، فحديث عائشة حسن، وفي "الإحياء": روي أن عائشة كانت في سفر، ننزلت منزلًا، فوضعت طعامها، فجاء سائل، فقالت عائشة
_________
(١) في (ب): عمرو.
1 / 58