68

जवाहिर तफसीर

جواهر التفسير

शैलियों

وقيل: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمرو، أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي وابن عساكر عن عاصم الأحول عن أبي العالية، وجاء فيه عن عاصم الأحول أنه ذكر للحسن البصري تفسير أبي العالية فقال: صدق ابو العاليه ونصح، وأخرج الحاكم وصححه عن أبي العالية عن ابن عباس مثله.

قال قطب الأئمة رحمه الله في الهيميان: " ويقدر مضاف أي اهدنا اتباعهم، وفيه تكلف بعيد، وتجوز تسمية أشخاصهم طريقا ووجهه أنهم واسطة إلى الجنة لمن اقتدى بهم ممن أنعم الله عليه، وعلى هذا الأخير يكون الخطاب لغيره صلى الله عليه وسلم وغير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، قيل: وهو قوي في المعنى ".

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر القرطبي في تفسيره عن الفضيل بن عياض أنه قال: هو طريق الحج، قال القرطبي: وهذا خاص والعموم أولى.

وهذه الأقوال كلها ما عدا الأخير متحدة في المعنى وإن اختلفت في اللفظ، فإن الإسلام يتمثل في تعاليم القرآن وهديه، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وهدى أصحابه رضي الله عنهم، فلا يختلف تفسير من فسره بالقرآن عن تفسير من فسره بالإسلام أو السنة أو الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وإنما اختلفت العبارات لإختلاف الإعتبارات، وقد أوردنا سابقا كلام ابن تيميه، الذي أوضح فيه أن مثل هذا لا يعد خلافا، وانتقد الفخر الرازي تفسير الصراط المستقيم بالإسلام أو القرآن نظرا إلى أن قوله تعالى: { صراط الذين أنعمت عليهم } بدل من { الصراط المستقيم } والبدلية تقتضي صحة حلول البدل محل المبدل منه، فكأنه قيل: إهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، والأمم السابقة لم يكن لها القرآن والإسلام، ورد عليه أبو حيان في البحرالمحيط بأن هذا لا يتأتي له إلا إذا صح أن الذين أنعم الله عليهم هم متقدمون، قال: " وستأتي الأقاويل في تفسير الذين أنعم الله عليهم ": ورد الألوسي على الفخر بما حاصله أن الفخر نفسه اختار فيما اختار من الوجوه التي ارتضاها أن الصراط المستقيم هو الوسط بين طرفي الإفراط والتفريط في كل الأخلاق وفي كل الأعمال، وأكد ذلك بقوله تعالى:

وكذلك جعلناكم أمة وسطا

[البقرة: 143] قال الألوسي: " فياليت شعري ماذا يقول لو قيل له لو لم يكن هذا للمتقدمين من الأمم، وتلونا عليه الآية التي ذكرها، وسبحان من لا يرد عليه ".

هذا وقد تقدم ما يدل على صحة تفسير الصراط المستقيم بالإسلام من القرآن والحديث، ومما يؤكد ذلك قول الله تعالى:

وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله

[الأنعام: 153] ولا معنى لما يقوله الفخر، من أن الأمم لم يكن لها إسلام، فإن الإسلام لم تختص به هذه الأمة فحسب، بل هو مشترك بينها وبين جميع الأمم، التي اتبعت هدى أنبيائها فإن المرسلين ما بعثوا لتفريق الدين بل بعثوا لجمعه وتوحيده، وينص على ذلك قول الله تعالى:

شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينآ إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشآء ويهدي إليه من ينيب

अज्ञात पृष्ठ