تحت أديم السماء "١؟
أفيظن هذا الجاهل أن الخوارج الذين قال فيهم رسول الله ﷺ هذا، أنهم لم يقولوا لا إله إلا الله؟ وقال ﷺ: "في هذه الأمة- ولم يقل منها- قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم" ٢ ٣.
وكذلك أهل حلقة الذكر؛ لما رآهم أبو موسى في المسجد في كل حلقة رجل يقول: سَبِّحُوا مائة، هَلِّلُوا مائة. الحديث؛ فلما أنكر عليهم عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله ﷺ قالوا: والله ما أردنا إلا الخير. قال: كم من مريد للخير لم يصبه٤ إن رسول الله ﷺ حدثنا: "أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم" ٥ أو قال: "تراقيهم" ٦. وأيم الله لا أدري أن يكون أكثرهم إلا منكم، قال عمرو بن سلمة: فما كان إلا قليل حتى رأوا أولئك يطاعنون أصحاب رسول الله ﷺ يوم النهروان مع الخوارج.
أفيظن هذا الجاهل المشرك أنهم يتركون ذلك؛ لكونهم يسبحون ويهللون ويكبرون؟ وكذلك المنافقون على عصر رسول الله ﷺ يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم؛ ويصلون مع رسول الله ﷺ الصلوات الخمس ويحجون معه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ ٧.
أفيظن هذا الجاهل أنهم لم يقولوا: لا إله إلا الله؟ وكذلك قاتل النفس بغير حق يقتل؛ أفيظن هذا الجاهل أنه لم يقل: لا إله إلا الله؟ وأنه لم يقلها خالصا من قلبه؟ فسبحان من طبع على قلب من شاء من عباده، وأخفى عليه الصواب، وأسلكه مسلك البهائم والدواب: ﴿أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ ٨، حتى قال هؤلاء الجهلة ممن ينتسب
_________
١ البخاري: استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (٦٩٣٠)، ومسلم: الزكاة (١٠٦٦)، والنسائي: تحريم الدم (٤١٠٢)، وأبو داود: السنة (٤٧٦٧)، وأحمد (١/٨١،١/١٣١) .
٢ البخاري: المناقب (٣٦١٠)، ومسلم: الزكاة (١٠٦٤)، وأحمد (٣/٣٣،٣/٦٠،٣/٦٥) .
٣ فيه أن الخليفة الرابع ﵁ قاتلهم ببغيهم، ولم يحكم بكفرهم، وكانوا متأولين، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في عدة مواضع.
٤ أنكر ابن مسعود (رض) ذلك على قائله؛ لأنه بدعة كما بينه الشاطبي في الاعتصام وغيره.
٥ البخاري: المناقب (٣٦١٠)، ومسلم: الزكاة (١٠٦٤)، والنسائي: الزكاة (٢٥٧٨) وتحريم الدم (٤١٠١)، وأبو داود: السنة (٤٧٦٤)، وأحمد (٣/٤،٣/٣٣،٣/٦٠،٣/٦٨،٣/٧٣) .
٦ البخاري: استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (٦٩٣٤)، ومسلم: الزكاة (١٠٦٨) .
٧ - سورة النساء آية: ١٤٥.
٨ - سورة الأعراف آية: ١٧٩.
1 / 25