الحسنى الحي الدائم الباقي الذي لا يبيد ولا يفنى الخالق البارئ المصور الذي خلق فسوى الرب العزيز الحكيم الذي أضحك وابكى القادر الجبار القهار الذي أمات واحيى المبدئ المحي المميت إليه المنتهى ( وأشهد ) أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله في الأرض وإله في السماء شهادة أدخرها بها أطلب الفوز يوم اللقاء وأشهد أن محمد عبده ورسوله المسمى بخير الأسماء أحمد ومحمد والماحي والحاشر والعاقب آخر الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله خصوصا أهل الكساء ورضي الله عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن آخر الخلفاء ورضي الله عن بقية الصحابة وأزواجه وعميه العباس وحمزة سيد الشهداء وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم طي السماء يا رب وتغمد النعمان بعفوك واجعل زله في سعة رحمتك فقد كان يدعو في حياته بهذا الدعاء يا رب وانجز له وما وعد به أصحابه ومن تبعه وكان على مذهبه إلى يوم الجزاء على ما روى عنه ذلك الأئمة الثقات من أصحابه النبلاء يارب وعبيدك ومن الأشقياء واغفر له والوالد به وللمؤمنين والمؤمنات واجعلنا أجمعين من السعداء . | ( وبعد ) فقد قال الله العظيم في كتابه الكريم إلا بذكر الله تطمئن القلوب قال جماعة من السلف هو ذكرأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما حصل لهم هذا الشرف من وجوه ( أعظمها ) رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولهذا اختلف في حد الصحابي على ما عرف ( الثاني ) ما اكتسبوه من العلم ( الثالث ) حسن الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى غير ذلك من الوجوه ولما كان ذلك كذلك فالتابعون مشاركون لهم في ذلك فكان ذكرهم تطمئن به القلوب وكذلك من بعدهم ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وقد رأيت مقاصد العلماء مختلفة في ذكرهم فمنهم من أفرد التابعين على طبقاتهم كالواقدي وغيره ومنهم من أفرد الزهاد كأبي عبد الرحمن السلمي وغيره وأرباب المذاهب المتبوعة كل منهم أفرد أصحاب أمام مذهبه ولم أر أحدا اتتبع طبقات أصحابنا وهم أمم لا يحصون فقد ذكر في كتاب التعليم أنه روى عن أبي حنيفة رضي الله عنه ونقل مذهبه نحو أربعة آلاف نفر ولا بد من أن يكون لكل منهم أصحاب وهلم جرا وهذا السمعاني يقول أن بخبر أبي خزى من بخارى خلقات من أصحاب أبي حفص الكبير لا يحصون وهذا في قرية من قرى بخارى وقال أيضا في ترجمة أبي حفص الكبير روى عنه خلق لا يحصون وقال أيضا في ترجمة القدوري رحمه الله صنف المختصر المشهورة قال فنفع الله به خلقا لا يحصون وابو نصر القاضي من أصحابنا يقال أنه لما استشهد خلف بعده أربعين رجلا من أصحابه كل واحد منهم من أقران أبي منصور الماتريدي وأصحاب الأعالي الذين رووها عن أبي يوسف لا يحصون ومن يحصى أيضا مشايخ ما وراء النهر ومن يحصي أيضا علماء سمرقند من أصحابنا فقد ذكر في البقية من أصحابنا ممن طاف البلاد أن بماكردين من بلاد سمرقند تربة يقال لها تربة المجمدين دفن فيها أكثر من أربع مائة نفس كل واحد منهم يقال له محمد صنف وافتى وأخذ عنه الجم الغفير وزاد في غيره أن كل واحد منهم يسمى بمحمد بن محمد جمعهم أهل سمرقند بهذه التربة . | ( ولمامات ) الإمام الجليل صاحب الهداية حملوه إلى هذه التربة وأرادوا دفنه بها فمنعوا من ذلك فدفن بالقرب منها ومقبرة الصدور ومعروفة بظاهر باب كلاباذفيها أمم لا يحصون واحدهم أبو زيد الدبوسي وفي شوينز مقبرة تعرف بمقبرة أصحاب أبي حنيفة يفيها خلق لا يحصون ومن يحصي بيوت الدامغائية والصاعدية فقد ذكر صاعد بن محمد بن أحمد أبو العلاء عماد الإسلام في كتاب الإعتقاد له عن عبد الملك بن أبي الشوارب أنه أشار إلى قصرهم العتيق بالبصرة وقال قد خرج من هذا الدار سبعون قاضيا على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه وسيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى وقد تولى القضاء أيضا من بيت قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني جماعة لا يحصون ستري منهم خلقا يفي هذا المجموع إن شاء الله تعالى ورأيت مصنفا ضخما للهمذاني من أصحابنا ذكر فيه أصحابنا ذكر أصحاب أبي عبد الله الدامغاني والإمام الصيمري الذي أخذوا عنهما وبيت الصفارية بيت مشهور بالعلم والقضاء والزهد وبيت التوجيه أيضا بيت مشهور فيهم كثرة علما وفضلا وقال السمعاني في ترجمة النوحي نسبة إلى الجد وذلك اسحاق بن محمد بن إبراهيم إلى أن قال وأخوته أهل حيث كلهم يقال لهم لهم النوحى وهم علماء وفضلاء وقال ابن خلكان في تاريخه في ترجمة المعز ابن باديس وكان مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه بإفريقية أظهر المذاهب فحمل المعز المذكور جميع أهل المغرب على التمسك بمذهب مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه وحسم مادة الخلاف في المذاهب واستمر الحال في ذلك إلى الآن ( قلت ) وكانت ولادة المعز بالمنصورية من أعمال إفريقية سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة وتوفي بالقيروان سنة أربع وخمسين وأربع وبيت الدامغانية فيهم كثرة علما وفضلا . | ( وقد ) طلبت العلم ونفسي متشوقة إلى جمع كتاب اذكر يفيه طبقات أصحابنا فيمنعني من ذلك العجز عن الإحاطة ببعض هذا الجم الغفير وتتبع الكتب المصنفة في ذلك فأول من حثنى على ذلك قديما شيخنا العلامة قطب الدين عبد الكريم وامدني بتواريخ وتعاليق وفوائد عزيزة من فوائد الإمام أبي العلاء البخاري وانتفعت به نفعا كثيرا يفي هذا الباب مما جمعه وأرشدني إليه وكذلك شيخنا الإمام العلامة الحجةى الاستاذ أبو الحسن السبيكي وامدني بكتب وفوائد كتاريخ نيسابور للحاكم وغيره وتلقيت أشياء حسنة من فيه وأغظمهم على منة في ذلك وأكثرهم لي مددا لشيخنا العلامة الأوحد الاستاذ أبو الحسن على الماردين وكنت يفي كل وقت أعرض عليه ما وقع لي من التراجم ويرشدني إلى أشياء حسنة ثم خلقه في ذلك الخلف الصالح ولده الإمام جمال الدين قاضي قضاة الحنفية ومحدثها رحمة الله ورحم سلفه ونفع بعلومه وبركته وأنا أسأل الله العطيم إتمام ما قصدته آمين . | ( الفائدة الأولى ) أن في ذكر تراجم العلماء فوائد نفيسة ومهمات جليلة منها ما تقدم من البحث في قوله تعالى ألا بذكر الله تطئن القلوب . | ( الفائدة الثانية ) في معرفة مناقبهم وأحوالهم فنتأدب بادابهم وتقتبس من محاسن آثارهم . | ( الفائدة الثالثة ) معرفة مراتبهم وأعصارهم فينزلون منازلهم ولا يقصر بالمعالي في الجلالة عن درجته ولا يرفع غيره عن مرتبته وقد قال الله تعالى وفوق كل ذي علم عليم - وثبت في صحيح مسلم ليليني منكم أولو الأحلام والنهي وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن تنزل الناس منازلهم - قال الحاكم أبو عبد | الله هو حديث صحيح . ( الفائدة الرابعة ) أنهم أئمتنا وأسلافنا كالوالدين لنا وأجدرنا علينا في مصالح آخرتنا التي هي دار قرارنا وانصح لنا فيما هو أعود علينا أن تجهلهم وأن تهمل معرفتهم . | ( الفائدة الخامسة ) أن يكون العمل والترجيح بقول أعلمهم وأورعهم إذا تعارضت أقوالهم . | ( الفائدة السادسة ) بيان مصنفاتهم ومالها من الجلالة . | ( وقد رتبت هذا ) الكتاب على الحروف وكذلك في اسم الآباء والأجداد يسيرا على كاشفه واتبعته بكتاب في الكنى ثم بكتاب الذيل على الكنى ثم بكتاب النساء ثم بكتاب في الأنساب ثم بكتاب في الألقاب ثم بكتاب فيمن عرف بابن فالن ثم ختمته بكتاب الجامع على عادة علماء المدينة اذكر فيه فوائد جمة ونفائس مهمة وأقدم في أول كتابي هذا مقدمة تشتمل على ثلاثة أبواب كل باب يشتمل على فصول ( الأول ) في بيان عدد أسماء الله الحسنى . | ( الثاني ) في بيان أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغير ذلك . | ( الثالث ) في الملتقط من مناقب أبي حنيفة رضي الله عنه - ثم أشرع بعد ذلك فيما قصدت وعلى الله توكلت وإليه أنيب وعليه اعتمادي وإليه تفويضي واستنادي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسميته ( بالجواهر المضية في طبقات الحنفية ) وهذا حين الشروع فيما أردت تقديمه وبالله التوفيق . |
المقدمة وهي تشمل على ثلاثة أبواب
الباب الأول في بيان عدد أسماء الله الحسنى وفيه فصول
فصل
( قال الله تعالى ) ) ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها ( وقال الله تعالى ) قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى ( وقال الله تعالى ) الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ( وقال الله تعالى ) هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ( فهذه أربع آيات ذكر الله فيها أسماءه الحسنى . |
فصل
पृष्ठ 7