على أي حال قد وصلت الشكوى إلى مكتب المدير العام، وسوف يتذكرني من فوره، ولعله يستدعيني إلى مقابلته، أو يجبر في الأقل خاطري، وانهارت علي الأحلام السعيدة، ومنيت نفسي بترقية أو علاوة تدعم رزق الأولاد، وكنت راجعا إلى الأرشيف حاملا البريد، وأنا أتلو آية الكرسي عندما اعترضني موظف ومضى يسألني: هل حقا ...
وكنت قد ضقت بتحرش الساخرين فقاطعته قبل أن يتم كلامه: اخرس يا قليل الأدب.
فتراجع الرجل ذاهلا وهو يقول: أنت مجنون بلا شك.
فصحت به: اذهب وإلا خلعت الحذاء ومزقته على رأسك.
وسرعان ما حال بيننا أهل الخير والشر، وبعد يوم استدعيت إلى إدارة التحقيقات، قال لي المحقق: أنت متهم بالاعتداء بالقول على مراجع الحسابات، وبالشروع في ضربه.
فقلت بذل: أنا رجل مسكين، لقد أراد أن يسخر مني فزجرته، هذا كل ما حصل.
وقال مراجع الحسابات إنه أراد أن يسألني عن ورود مكاتبته من الخزانة ، وشهد على صدق قوله زملاء له وزميلان من الأرشيف. وصح صدقه حتى لي أنا، وأدركت أنني أسأت الفهم والتصرف، ودافعت عن نفسي قائلا: كثيرون يسخرون مني وقد حسبته واحدا منهم.
وسألني المحقق: لم يسخرون منك؟
فلذت بالصمت ولكن كثرة من الشهود فضحت حكاية القرض حتى هتفت: ذاك محض افتراء، واقعة لا أساس لها، ألصقت بي ظلما.
وكادت المناقشة بيني وبين الشهود تجاوز حدود الأدب إلى العنف، وغادرت إدارة التحقيقات مغلوبا على أمري تماما، وبعد أيام استدعاني رئيسي الكهل وقال لي بحزن: تقرر خصم خمسة أيام من مرتبك.
अज्ञात पृष्ठ