ها هو ذا الشبح، ها هو الحلم، جاء يسعى على حذائه الأبيض، أي قاتل، وأي مناورة يلعب بها! وقد استدعي عم سليمان للمواجهة، وعن عم سليمان علمت الإدارة بأنباء الرجل، علمت بأنه يدعى محمود الغر وأنه سواق تاكس، وقد تعاقدت الفقيدة معه - قبل زواجها بعام - لاستغلال تاكس تملكه، وحرصت من بادئ الأمر على سرية الموضوع لكونها موظفة من ناحية، ولأنها أخفت صفقة التاكس عن أهلها حتى لا تسأل عن مصدر المال الذي ابتاعته به، فكانت تلقى السائق في الجراج. وظل الرجل على جهله بمسكنها ولكنها دلته على مكان عملها ليهتدي إليها في الطوارئ، ولما وقع الطارئ ذهب للقائها في الإدارة صباح ليلة الجريمة، فلما لم يجدها اضطر للتصرف بمفرده فسافر بأسرة عربية إلى الإسكندرية، ولبث في خدمتها هناك حوالي الأسبوع أو أكثر، وانتظرها في ميعاد اللقاء المعتاد، ولكنها لم تحضر فذهب إلى الإدارة مرة أخرى لمقابلتها، وتم التحقق من أقواله واختبرت بصماته ثم أفرج عنه!
دار رأس عمرو، ها هي الأمور تتعقد كما لم تدر له في حسبان، وها هو ينحدر في تيه، وشد ما ندم على كتابة رسالته المذهلة، ولكن واقعة التاكس حقيقة لا شك فيها، استيقظت في وجدانه الآلام الغافية، ألم يقل لها بصراحة: «إني أحتقر تصرفاتك؟» وكيف استجابت؟ ... قالت برزانة مرعبة: ليكن رأيك ما يكون ولكنك تحبني!
فقال بحنق: تبيعين نفسك لوحش بسيارة! - ولكنك تحبني؟
فصمت صمتا ذا مغزى لا يخفى فضحكت وقالت: لا تغتم بتصرفاتي ولا بزواجي نفسه ما دام قلبي لك وحدك.
وقال لنفسه بأنه قضى على قلبه بأن ينقسم إلى قسمين، تلك العذابات الجهنمية، التي لم تقتلع من وجدانه تماما حتى وهما يذوبان في ضوء الأباجورة الأحمر، واستقر حذاء أبيض ذو سطح بني على السجادة بين الصوان والخوان الحامل للزجاجة والعلبة، وتموجت تهاويل غشاء الجدران الورقي، وتفشت في الجو هينمات منسالة من كون مجهول، وتخطت الذروة عندما راحت تغازل يديه بنشوة جنونية، وتقول له بدلال «اخنقني». •••
ودخلت أم سمعة الشرفة وهو وحيد يستجدي نسمة من ليل الصيف وقالت له: ضيوف على الباب.
فسألها: تعرفينهم؟ - كلا، قالوا افتحي فجئت لأخبرك.
فتح شراعة الباب فرأى وجها لم يره من قبل فغاص قلبه، فتح الباب مستسلما فدخل الرجل وتبعه ثلاثة.
اندفع الثلاثة يفتشون وقال له الرجل: معذرة، تفتيش لا بد منه، هاك أمر النيابة!
فسأله بصوت ضعيف: عم تفتشون؟ - آلة كاتبة.
अज्ञात पृष्ठ