يا ماطلي دَينِي لَقَد أحوجتني ... أرسلتُ بالشَّكوى إليك رسولا
لكِنَّني من حبِّه في سكرَةٍ ... ومن الشَّمَائل قد سُقيتُ شَمُولا
فهو الرسولُ إليك منّي ليتَني ... كنتُ اِتَّخذتُ مع الرسول سَبيلا
وقلت في مليح خطيب:
خَطِيبٌ سَباني إذ رَقي منبَرًا ... وأصغَت له أذني فأنشَا بما أنشا
فَقامتُه بالعدل واللّفظِ بالتُّقَى ... لَقَد أمَرَا واللحظ يأمُرُ بالفحشا
وقلت في مليح مرقي:
ورَئيسٍ للخطيب يَقدُمُهُ ... والجمع من فَرط حسنه بُهتُوا
سَيفان من كَفّه ومُقلَته ... في الغِمدِ هذا وذاكَ منصَلتُ
حَيعَلَ ضِمنَ الأذَان ملتفتًا ... فقلتُ شأن الغزالِ يلتفِتُ
وقلت في مليح مؤذن:
عَلِقتُهُ مُؤذنًا ... قد عَلِقَت آثارُهُ
قد حُطَّ قدرًا عنده ... لمّا علا منارُهُ
وقلت في مليح إمام:
إمامُنَا أمَامَنا ... أبدى الرُّكُوعُ
لأجلِ ذا عُشَّاقُه ... لا يَبرحون خلفَهُ
وقلت في مليح ميقاتي:
بالسَّمت والهَيئة طُل ... وَالضدُّ مَا بِه اِنتِفَاع
والنَجمُ مِنه ساقطٌ ... لَمَّا أخَذتَ الإرتِفَاع
وقلت في مليح عالم:
وَشَادن عالم قَد ... رَمى فؤادي بسهمِ
ذَاكَرتُهُ بَعضَ علم ... أباحني بعض لَثمِ
وَباتَ عندِي بِجنبي ... وَغَطَّ قُمتُ بوهمِ
عليه دبَّيت جَهرًا ... في يَقظَةٍ دُونَ حلمِ
وَقُلتُ لَمَّا فَرَغنا ... وَزال همّي وغمّي
أبَحتَنِي ذا بجهلٍ ... فَقالَ لا بَل بعلمِ
وقلت فيه أيضًا:
وعَالِمٍ يَقتُلني ... بِعلمه وفهمهِ
لا يَرتَضينِي طَالِبًا ... إذ لم أقم بِعِلمِهِ
وقلت في مليح مدرس:
حبّي المُدَرّس لَمَّا ... أن كرَّر الدَّرسَ غبتُ
وَقَد وَهِمتُ وَهمِتُ ... لكن فَهِمتُ فَهِمتُ
وقلت في مليح مُعيد:
حبّي المعيدُ أعاد لي ... يا عَاذلي فَاِترك مَلامَك
أوهمتُ أنّي ما فَهِم ... تُ فَقُلتُ زِد وأعِد كلامَك
وقلت في مليح محدث:
محدّثٌ لاحَ منّي ... ومنه معنى ظريفُ
الوَجدُ منّي صَحيحٌ ... وَاللَّحظُ منه ضعيفُ
وقلت في أيضًا مقتبسًا:
وَبِروحي مُحدّثًا قَد سَباني ... بِحديث أَضحى لقلبِي مُغيثا
عُذّلي في هواهُ أضحَوا حيارَى ... لا يَكادون يفقَهون حديثا
وقلت في مليح فقيه:
وَلَقد نزَلتُ إِلى جوار مهفهفٍ ... ظَبيٍ فقيهٍ حسنُهُ لي رابطُ
قَد قيلَ أَنتَ مجاورٌ فأجبتُهُم ... بِنَعم وَيا ليت المحدثَ غالطُ
وقلت في مليح نحوي:
رُوحي الفداءُ لنحويِّ فُتنتُ به ... قَد شاعَ حُبّي فيه فَهو مشهورُ
قَد جَرَّ باللّحظِ قلبي نحوهُ فَلِذا ... قَلبي وألحاظُهُ جارٌ ومجرورُ
وقلت في مليح أصولي:
فُتنتُ بِه جَدليًّا أرى ... نِزَاعي له مقرنًا بالأجل
وَما حيلَتي في هوى شادنٍ ... يحب الخِلافَ ويهوى الجَدَل
وقلت في مليح منطقي مضمنًا:
بِي مَنطقِي رَدَّ أبحَاثَهُ ... في دَرسِهِ تُفتَنُ كلُّ الأَنامِ
ذُو منطق بعت به مُهجتي ... فكُنتُ ممّن باعها بالكلامِ
وقلت في مليح خلافي:
هَذا الخُلافي أطال صَدّي ... وَكان لي قَبلَ ذَا مُوَافي
غصن خِلافٍ وقبل هذا ... قَد كَانَ غُصنًا بلا خِلافِ
وقلت فيه أيضًا في كل من البيتين:
أَهوَى خلافِيًا كَغُصنٍ نَافعٍ ... قاسي الحَوائجِ ليّن الأعطافِ
يا قلبُ تهواهُ وتهوى الغَيرَ بَل ... أهوَاهُ في الحالينِ غُصنَ خِلافِ
وقلت في مليح حرفي:
أفديه حَرفيًّا غدا آخذًا ... من قمرِ الآفاقِ إشرَاقهُ
جاء على وفقِي وقَد خِلتُهُ ... روى عن البَوني أو فاقَهُ
وقلت في مليح بياني:
بَيانيٌّ مليحٌ قد سَباني ... وبيَّنَ من مَبَاحثِهِ مَعَاني
فهمتُ بحسنِهِ وبما بِهِ قد ... فهمتُ من المَعاني والبيانِ
وقلت في مليح مهندس:
بِالرُّوحِ أفدِي شَادنًا ... وعالمًا بالهَندسَه
1 / 2