منفعة
كان يبغضه أشد البغض، فأصبح يتهالك عليه أشد التهالك، وكان فصيحا كل الفصاحة في تعليل ما أظهر وأضمر من بغض، وهو فصيح كل الفصاحة في تعليل ما يظهر من تهالك وحب، وهو يصدق نفسه في الموقفين جميعا، ولكن الناس لا يصدقونه، وإنما يؤمنون بأنه أبغض للمنفعة وأحب للمنفعة، وبأي وحي النفوس يكذب النفوس أحيانا، والغريب في هذا كله أن الناس أعلم منه بدخيلة النفس وسر الضمير.
أخلاق
أقبلوا يواسون من صرف عنه الحكم، وكانوا جماعة ضخمة يكاد يمتنع فيها التنفس لولا أنها كانت تسعى أو تزحف تحت السماء في الهواء الطلق، وقد اكتظت بها الشوارع والميادين، ووقفت لها حركة المدينة.
قال قائل لصاحبه: أليس فلان قد صرف عن الوزارة أو صرفت عنه الوزارة، فما هذه الجماعة الضخمة؟ وما هؤلاء الذين يسعون إليه اليوم وكانوا لا يرونه أمس ولن يروه غدا إلا نكثوا رءوسهم وغضوا أبصارهم؟
قال صاحبه: صرف عنه الحكم اليوم وقد يرد إليه غدا، وللناس آمال لا يحبون أن تنقطع، وليس كل الناس يحب رغبة أو رهبة؛ فقد يكون منهم من يحب مخلصا في الحب، ومن يجامل أو يواسي مخلصا في المجاملة أو المواساة.
قال ثالث: ومن الناس من يبغضك ولكنه يواسيك؛ لأنه يريد أن يظهر لنفسه أن رجولته أكبر من البغض.
قال رابع: ومن الناس من لا يكبر في نفسه إلا إذا أظهر نفسه للناس كبيرا بعض الشيء.
قال خامس: عجبت للذين يشيعون الجنائز ويستطيعون أن يفكروا في شيء غير الموت.
كساد
अज्ञात पृष्ठ