ولكنها «أنانية» لا تخص جميلا بين العشاق فيما نراه؛ فما من عاشق يسره أن يتخيل معشوقته وقد نعمت بعده بحب غيره، وما في هذه الأمنية من دليل على قلة الحب وكراهة المحبوب، بل فيها دلائل على فرط الحب والاستغراق فيه، ونحسب أن بثينة أرضاها هذا من دعائه فوق ما كان يرضيها دعاء السلامة لها والنعمة في هوى العشاق بعده؛ لأنها تحس ببداهة الأنوثة أنه يسر ببقائها ونعمتها بعد موته؛ لأنه قليل الغيرة عليها في الحياة وبعد الممات.
وللشعراء العشاق من مدرسة جميل فلتات مستغربة من هذا القبيل، أو لعلها أغرب جدا في هذا الباب من فلتات جميل، ولا سيما الفلتات التي أحصوها على تلميذه الأكبر كثير بن عبد الرحمن.
فقد أصبح كثير أضحوكة الأضاحيك بين الشعراء والنقاد؛ لأنه قال:
ألا ليتنا يا عز من غير ريبة
بعيران نرعى في الخلاء ونعذب
كلانا به عر فمن يرنا يقل
على حسنها جربى تعدى وأجرب
إذا ما وردنا منهلا صاح أهله
علينا فما ننفك نرمى ونضرب
وددت وبيت الله أنك بكرة
अज्ञात पृष्ठ