الفصل الثاني والثلاثون
إعلم أيها الأخ أيدك الله وايانا بروح منه ، أن النفس موجودة بعد مفارقتها الجسد، لانها كانت مخلوقة قبله بزمن طويل ،
أول موجود أوجده الله عز وجل بكلمته ، هو جوهر بسیط روحاني ، فيه صور جميع الموجودات ، كما يكون في نفس الصانع صور المصنوعات قبل اخراجها ووضعها في الهيولى ، وهو مفيض تلك الصور على النفس دفعة واحدة ، بلا زمان طويل ، وأما علم الانسان بالباري جل اسمه وتعالى جده وذكره ، فباحدى طريقتين إحداهما على العموم، وأخرى على الخصوص ، فالتي على العموم هي المعرفة الغريزية التي في طباع الخليقة أجمع ، وذلك أن الناس كلهم ، العالم منهم والجاهل ، والمؤمن والكافر ، يقرون بوجود الصانع ، ويفزعون اليه بالرغبة والدعاء والتضرع ، في كل المواضع ، حتى الحيوانات فقد قيل أنها في سنين الجدب ترفع رؤوسها إلى السماء تطلب الغيث ، وأما معرفة الخصوص فهي الوصف
पृष्ठ 163