التخيير بينهما على أن يجزئ كل منهما عن الآخر التعبد به، أو بمعنى إجزاء أحدهما عن الآخر خاصة، دون العكس، والأول معلوم البطلان، والفرض بطلان الثاني، فتعين الثالث، وحينئذ فلا يكون لوجوب ذلك الآخر فائدة، لأنه لو أتى به لم يكن مجزئا، ولو أتى بغيره أجزأ عنه، وذلك يقتضي أن لا يكون لوجوبه فائدة، وأن يكون وجوده كعدمه.
ويمكن أن يساق الدليل على وجه أوضح من هذا، بأن يقال: لو لم يجزئ غسل الحيض عن الجنابة عند وجوبهما امتنع وجوبه، والتالي واضح البطلان.
بيان الملازمة: أن وجوب الفعل يقتضي القطع بترتب الأجزاء على الإتيان به مشتملا على جميع وجوه الوجوب، وسقوط الطلب عن المكلف، وغسل الحيض على ذلك التقدير لا يترتب على فعله الإجزاء، ولا سقوط الطلب والخروج عن عهدة التكليف، وإنما يترتب الإجزاء على فعل الغسل المقارن له - وهو الجنابة - ووجوده كعدمه، فيكون التكليف به تكليفا بما لا يجزئ، وهو محال، فيمتنع.
أو يقال: وجوب غسل الحيض - على تقدير عدم أجزائه عن الجنابة - ليس واحدا من أقسام الوجوب، فيجب انتفاؤه.
بيان الملازمة: أن الوجوب ينقسم باعتبار الفعل إلى الحتمي، والمرتب، والمخير، ووجوب غسل الحيض في الفرض المذكور على تقدير عدم الإجزاء عن الجنابة ليس واحدا منها، فينتفي وجوبه، وإذا انتفى وجوبه على تقدير عدم الإجزاء عن الجنابة - وجب بحكم العكس أن يجزئ عنه، على تقدير الوجوب.
(ج): النص، فمنه رواية حريز عن أبي جعفر عليه السلام قال: (إذا حاضت المرأة وهي جنب أجزأها غسل واحد) (1) فإن أريد إجزاء كل منهما عن الآخر فهو المدعى، وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو محال.
ومنه حسنة زرارة، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال في حديث طويل: (المرأة يجزئها غسل واحد لجنابتها، وإحرامها، وجمعتها، وغسلها من حيضها، وعيدها) (2).
पृष्ठ 88